الناس وهدؤا، قال: فلم يكن إلا يسيرا حتى دخل عليه طلحة، والزبير فقالا: يا أمير المؤمنين إن أرضنا أرض شديدة، وعيالنا كثير، ونفقتنا قليلة، قال: ألم أقل لكم: إني لا أعطى أحدا دون أحد؟ قالا: بلى (1)، قال:
فأتيا (2) بأصحابكم، فإن رضوا بذلك أعطيتكما، وإلا لم أعطكما دونهم، ولو كان عندي شئ لنفسي أعطيتكما من الذي لي، ولو انتظرتم حتى يخرج عطائي أعطيتكما من عطائي، قالا: ما نريد من مالك شيئا، وخرجا من عنده، فلم يلبثا إلا قليلا حتى دخلا عليه، فقالا: ائذن (3) لنا في العمرة، فقال:
ما تريدان العمرة، ولكن تريدان الغدرة، قالا: كلا، قال: قد أذنت لكما اذهبا.
قال: فخرجا حتى أتيا مكة، وكانت أم سلمة، وعائشة بمكة، فدخلا على أم سلمة رضي الله عنها، وقالا لها وشكيا إليها، فوقعت فيهما، وقالت:
أنتما تريدان الفتنة، ونهتهما عن ذلك نهيا شديدا، قال: فخرجا من عندها حتى أتيا عائشة، فقال لها مثل ذلك وقالا: نريد أن تخرجي معنا نقاتل هذا الرجل؟
قالت: نعم.
قال: فكتب أمير مكة إلى علي (رض): أن طلحة، والزبير جاءا فأخرجا عائشة، ولا نعلم (4) أين خرجا بها، قال: فصعد المنبر، ودعا الناس، وقال: أنا كنت أعلم بكم فأبيتم، قالوا: وما ذاك؟ قال عليه السلام: إن طلحة، والزبير أتياني وذكرا حالهما، فقلت لهما: ليس عندي شئ، فاستأذناني في العمرة، وأذنت (5) لهما، وقد أخرجا عائشة إلى البصرة تقاتلكم، قالوا: نحن معك، فمرنا بأمرك، قال: إن هؤلاء يجتمعون عليكم، وأرضكم شديدة، فسيروا أنتم إليهم، وكتب إلى أمير الكوفة يستنفر