الضعيف من جوره، ولا يطمع القوى في ميله، والله لقد رايته ليلة من الليالي وقد اسبل 1) الظلام سدوله، وغارت نجومه، وهو يتململ في المحراب تململ السليم، ويبكي بكاء الحزين.
ولقد رايته مسبلا (2) للدموع، قابضا على لحيته، يخاطب دنياه فيقول:
يا دنيا أبى تشوقت ولى تعرضت؟ لا حان حينك، فقد بتلتك (3) بتالا لا رجعة لي فيك، فعيشك قصير، وخطرك (4) يسير، آه من قلة الزاد، وبعد السفر، ووحشة الطريق (5).
3 - ابن بابويه قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن جرير الطبري (6)، قال: حدثنا الحسن بن محمد (7)، قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن المخزومي (8)، قال حدثني محمد بن أبي يعفور، عن موسى بن أبي أيوب التميمي، عن موسى بن المغيرة، عن الضحاك بن مزاحم (9)، قال: ذكر علي عليه السلام هند ابن عباس بعد وفاته عليه السلام فقال: وا أسفاه على أبى الحسن، مضى والله ما غير، وما بدل وما قصر، ولا جمع، ولا منع، ولا آثر الا الله، والله لقد كانت الدنيا أهون عليه من شسع نعله. ليث في الوغى، بحر في المجالس، حكيم في الحكماء، هيهات قد مضى إلى الدرجات العلى (10).