ورأيت صبيانه شعث (1) الشعور، غبر (2) الألوان من فقرهم، فكأنما سودت وجوههم بالعظلم (3)، وعادوني مؤكدا، وكرر على مرددا، فأصغيت إليه سمعي، فظن انى أبيعه ديني، واتبع قياده مفارقا طريقتي، فأحميت له حديدة، ثم أدنيتها من جسمه ليعتبر بها، فضج ضجيج ذي دنف (4) من المها، وكاد ان يحترق من ميسمها (5)، فقلت له: ثكلتك الثواكل يا عقيل اتئن من حديدة أحماها انسانها للعبه، وتجرني إلى نار سجرها جبارها لغضبه؟ اتئن من الأذى ولا ائن من لظى؟!.
واعجب من ذلك طارق طرقنا بملفوفة في وعائها، ومعجونة شنئتها، كأنها عجنت بريق حية أو قيئها، فقلت: اصلة، أم زكاة، أم صدقة؟ فذاك محرم علينا أهل البيت، فقال: لا ذا ولا ذاك، ولكنها هدية، فقلت: هبلتك الهبول، اعن دين الله أتيتني لتخدعني؟ أمختبط أم ذو جنة أم تهجر؟ فوالله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصى الله تعالى في نملة اسلبها جلب (6) شعيرة ما فعلته، وان دنياكم عندي لاهون من ورقة في فم جرادة تقضمها (7)، ما لعلى ونعيم يفنى، ولذة لا تبقى، نعوذ بالله من سبات (8) العقل، وقبح الزلل، وبه نستعين (9).
6 - وروى معلوما ان أبا بكر توفى وعليه لبيت مال المسلمين نيف