(الشريف) (1) وقال: يا أمير المؤمنين، لي في خدمتك مائة سنة ما فارقتك، وما رأيت الخلة، ولا (رأيت) (2) السكون، وقد أضر بي وبأطفالي الجوع، وها انا مفارقك، ويعز علي فراقك، استودعك، هذا فراق بيني وبينك. ثم خرج ومضى مع المكارية حتى يعبر إلى الوقف وسوراء وفي صحبته وهبان السلمي، وأبو كردي (3)، وجماعة من المكارية طلعوا من المشهد (بليل) (4)، فلما (وصلوا) (5) إلى أبي هبيش قال بعضهم لبعض هذا وقت كثير، فنزلوا ونزل أبو البقاء معهم، فنام فرأى في منامه أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو يقول له:
يا أبا البقاء، فارقتني بعد طول هذه المدة، عد إلى حيث كنت، فانتبه باكيا، فقيل له ما يبكيك، فقص عليهم المنام، ورجع فحيث رأينه بناته صرخن (في وجهه) (6)، فقص عليهن القصة، وطلع وأخذ مفتاح القبة من الخازن أبي عبد الله بن شهريار القمي، وقعد على عادته بقي ثلاثة أيام، ففي اليوم الثالث اقبل رجل وبين كتفيه مخلاة كهيئة المشاة إلى طريق مكة، فحلها وأخرج منها ثيابا لبسها ودخل إلى القبة الشريفة، وزار وصلى، قال (7): ودفع إلي خفيفا، وقال: ائت بطعام نتغدى. فمضى القيم أبو البقاء وأتى بخبز ولبن وتمر، فقال: ما يؤكل لي هذا، ولكن امض به إلى أولادك يأكلونه، وخذ هذا الدينار الاخر واشتر لنا (به) (8)