فقال المنذر: ما أنا بملك ان خالف الناس أمري، لا يمر أحد من وفود العرب إلا بينهما، وجعل لهما في السنة يوم بؤس ويوم نعيم، يذبح في يوم بؤسه كل من يلقاه ويغري بدمه الطربالين، فأن رفعت له الوحش طلبتها الخيل، وان رفع طائر أرسل عليه الجوارح حتى يذبح ويطليان بدمه، ولبث بذلك برهة من دهره، وسمي أحد اليومين يوم البؤس وهو اليوم الذي يقتل فيه ما ظهر له من انسان وغيره، وسمي الاخر يوم النعيم يحسن فيه إلى كل من يلقى من الناس ويحملهم ويخلع عليهم. فخرج يوما من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي الشاعر وقد جاءه ممتدحا، فلما نظر إليه قال: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد! فقال عبيد: أتتك بحائن رجلاه، فأرسلها مثلا، فقال له المنذر: أو أجل قد بلغ إناه، فقال رجل ممن كان معه: أبيت اللعن أتركه فأني أظن أن عنده من حسن القريض أفضل مما تريد من قتله فأسمع فإن سمعت حسنا فأستزده وإن كان غيره قتلته وأنت قادر عليه، فأنزل فطعم وشرب ثم دعا به المنذر فقال له: زدنيه ما ترى، قال: أرى المنايا على الحوايا، ثم قال له المنذر: أنشدني فقد كان يعجبني شعرك، فقال عبيد: حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين، فأرسلهما مثلين، فقال له بعض الحاضرين: أنشد الملك هبلتك أمك! فقال عبيد:
وما قول قائل مقتول؟ فأرسلها مثلا أي لا تدخل في همك من لا يهتم بك، قال المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك، قال عبيد: من عز بز، فأرسلها مثلا، فقال المنذر: أنشدني قولك: أتفر من أهله ملحوب فقال عبيد:
أتفر من أهله عبيد * فاليوم لا يبدي ولا يعيد عنت له منية تكود * وحان منها له ورود ثم إن المنذر قال له: يا عبيد لا بد من الموت وقد علمت أن النعمان ابني لو