فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٣٠٧
فصل:
وسوف نذكر حكايات تعرضها على عقله وفضله، وهي وإن كانت مشهورة، إلا أن الانسان يحتاج إلى أن يذكر نفسه كل وقت بما يقربها إلى صلاح فعله.
قال بعض العلماء: حادثوا هذه النفوس، فإنها سريعة الدثور (1)، وإنكم إلا تحادثوها. تنزع بكم إلى شر غاية.
فمن الحكايات في تعذر رضى العباد، حكاية عن لقمان وولده نذكر معناها، فهو كاف في المراد:
قد روي أن لقمان الحكيم قال لولده في وصيته: لا تعلق قلبك برضا الناس ومدحهم وذمهم، فإن ذلك لا يحصل، ولو بالغ الانسان في تحصيله بغاية قدرته.
فقال له ولده ما معناه: أحب أن أرى لذلك مثلا أو فعالا أو مقالا.
فقال له: أخرج أنا وأنت.
فخرجا ومعهما بهيم، فركبه لقمان وترك ولده يمشي خلفه (2)، فاجتازا (3) على قوم، فقالوا: هذا شيخ قاسي القلب، قليل الرحمة، يركب هو الدابة، وهو أقوى من هذا الصبي، ويترك هذا الصبي يمشي وراءه، إن هذا بئس التدبير.
فقال لولده: سمعت قولهم وإنكارهم لركوبي ومشيك؟ فقال: نعم، فقال:
إركب أنت يا ولدي حتى أمشي أنا. فركب ولده ومشى لقمان، فاجتاز (4)

(1) دثور النفس: سرعة نسيانها " مجمع البحرين - دثر - 3: 298 ".
(2) في " د " و " ش ": وراءه.
(3) في " م ": فاجتازوا.
(4) في " م ": فاجتازوا.
(٣٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 300 301 302 303 304 305 306 307 308 309 310 » »»