عليه، فلا يكون الله جل جلاله دون عبده من ملوك الدنيا المشار إليه.
ومن آداب المستخير: أنه إذا خرجت الاستخارة مخالفة لمراد المستخير ولهواه، فإنه لا يقابل مشورة الله جل جلاله بالكراهة ومخالفة رضاه، بل يقابل ذلك بالشكر لله جل جلاله كيف جعله أهلا أن يستشيره، وجعله أهلا أن يجيبه في الحال، بمصلحة دنياه واخراه، ما كان العبد يحسن أن يتمناه.
وللاستخارة آداب غير ما ذكرناه، وقد رأينا الاقتصار على ما أوضحناه، فربما ترك العبد شيئا من هذه الآداب أو غيرها، مما يكون شرطا في مراقبة مالك الأسباب، فما يؤمنه من إعراض الله جل جلاله عنه، ويكون الذنب للعبد حيث أغضب الله جل جلاله عليه بما وقع من سوء الأدب منه.
الفريق العاشر ممن يتوقف عن الاستخارة أو ينكرها: قوم من عوام العباد، ما في قلوبهم يقين، ولا قوة معرفة، ولا وثوق بسلطان المعاد، لأنهم ما تسكن نفوسهم إلا إلى مشاورة من يشاهدونه ويأنسون به ويعرفونه من الأنام، والله جل جلاله ما تصح عليه المشاهدة، وليس لهم أنس (1) قوة المعرفة له، ولا لذة الوثوق به، ولا يعرفون للمشاورة له فائدة عندهم من قصور الافهام.
ومن يك ذا فم مر مريض * يجد مرا به السماء الزلالا وهؤلاء من قبيل الذين ذكرهم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام في بعض خطبه الرائقة: " همج رعاع، لا يعبأ الله بهم، أتباع كل ناعق وناعقة " (2).