التجارة ولا السفر أنه يتقرب بذلك إلى الله جل جلاله ولا لامتثال أمره سبحانه، بل لمجرد ميل الطباع إلى الغنى، ولأجل أنه يأنف (1) أن يراه الناس فقيرا، أو يرى أحد عياله محتاجين، أو ليكون معظما محترما بكثرة المال، وأمثال هذه الخواطر والأحوال، التي تقع من المستخيرين وهم غافلون عن الخدمة بهذه الحركات لسلطان العالمين، فالعقل والنقل يقتضيان أن هذا لا يستخار الله جل جلاله فيه، وأن المستخير في ذلك على هذه الوجوه بعيد من الله جل جلاله ومن مراضيه، ولعلك تجد أكثر الاستخارات المعكوسة من هذا القبيل، وقد عرفك الله جل جلاله هذه الجملة، وهو جل جلاله أهل يهديك إلى التفصيل.
الفريق السادس من الذين أنكروا الاستخارة: قوم زادوا على ما قدمناه من الاستخارة فيما يشغل عن الله جل جلاله، وفيما لا يتقربون به إلى الله جل جلاله، واستخاروا في معصية الله تعالى، وهم يعتقدون أنها ليست معاصي، ومثال هؤلاء أن يستخيروا في معونة ظالم بوكالة عنه، وتكون تلك الوكالة معونة له على ظلمه، أو تجارة لظالم، وتكون تلك التجارة معونة له على ظلمه، أو في خدمة للظالم، وتكون تلك الخدمة معونة له على ظلمه، أو دخول على الظالم وهو يعلم من نفسه أنه ما يقوم لله جل جلاله ولرسوله صلى الله عليه وآله بما يقدر عليه من إنكار ما يجده عند ذلك الظالم من منكر، أو لا يوافق الله جل جلاله ورسوله صلى الله عليه وآله في كراهة تلك المنكرات بقلبه إذا أقبل الظالم عليه وأدنى مجلسه وقضى حاجته.
ومثال ذلك أن يستخير الله جل جلاله في أن يتوكل لغير الظالم أو يخدمه بنية أنه يغشه أو يخونه أو يمكر به، أو يغش أحدا لا يجوز غشه، أو