فتح الأبواب - السيد ابن طاووس - الصفحة ٢٩٩
يمكن مشاورته فيه، ولعله في وقت مشاورته فيه على خلاف مراضيه، فلا أقل من أن يكون قلبه مقبلا عليه، كما لو شاور واستشار بعض ملوك الدنيا إذا احتاج إليه، وقدر أن يقف بين يديه.
ومن آداب المستخير: أنه إذا عرف من نفسه وقت سجوده للاستخارات أنها قد غفلت عن ذكر أنها بين يدي عالم الخفيات، أن يستغفر ويتوب في الحال من ذلك الاهمال، لأنه إذا أغفل عن الله جل جلاله وهو يستشيره في أمره، كان كمن حضر بين يدي مولاه، ثم جعل يحدثه ويشاوره، وقد جعل سيده وراء ظهره.
ومن آداب المستخير: أنه إذا رفع رأسه من سجدة الاستخارات أنه يقبل بقلبه على الله جل جلاله بصدق النيات، ويتذكر أنه يأخذ رقاع الاستخارة من لسان حال الجلالة الإلاهية، وأبواب الإشارة الربانية، فإن الرقاع تضمنت أنها خيرة من الله العزيز الحكيم، لفلان بن فلان إفعل، أفلا ترى أن رقاع الاستخارة مكتوبات من الله جل جلاله أعظم مالك، وأحقه بالمراقبات إلى عبده المضطر إليه في سائر الأوقات، فلا أقل أن يكون امتداد يده لاخذ رقاع الاستخارات بتأدب وذل وإقبال السرائر، كما لو أخذها من سلطان في الدنيا قاهر، فما يعلم أنه يأخذها ممن كتبها إليه، وهو الله مالك الأوائل والأواخر.
ومن آداب المستخير: أنه لا يتكلم بين أخذ رقاع الاستخارة مع غير الله جل جلاله، كما تقدم روايتنا له عن مولانا الجواد صلوات الله عليه (1)، فإن العبد لو كان يشاور ملكا من ملوك الدنيا ما قطع مشاورته له وحادث غيره ممن هو دونه، بل كان يقبل بقلبه وقالبه وجنانه ولسانه مدة وقت المشاورة

(1) تقدم في ص 143.
(٢٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 294 295 296 297 298 299 300 301 302 303 304 ... » »»