فهذا شيخ المحدثين المتقدمين الشيخ أبو جعفر الكليني وشيخ المحدثين المتأخرين العلامة المجلسي، لما رأوا أحاديث الأئمة المعصومين عليهم السلام في معرض الزوال لعروض الحوادث وصعوبة جمعها وتحصيلها لتفرقها في الأصول وغيرها، شمرا عن ساق الجد والاجتهاد وجمعها كل منهما في كتاب واحد:
(الكافي) الذي هو كاف للشيعة و (بحار الأنوار) الذي هو مدينة الحكم والآثار.
وهذا الشيخ الصدوق الذي جمع الأخبار وصنفها أصنافا لطيفة ألف في كل موضوع كتابا مثل (من لا يحضره الفقيه) و (علل الشرايع) و (ثواب الأعمال) و (إكمال الدين) و (عيون الأخبار). وكذلك ساير علمائنا رضوان الله عليهم أجمعين كانوا حريصين على أداء وظيفتهم في الجهة الإيجابية من تبليغ دين الله القويم.
* * * الاتجاهات الدفاعية في التبليغ.
ثم أن أداء المسؤولية الدينية للعالم قد يكون بالاتجاه الدفاعي أمام ما يصادم كيان وما يتعرض لأصوله ومبادئه الشريفة على حد قول الله تعالى: * (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب فأولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون) * (6)، وعلى حد قول رسول الله صلى الله عليه وآله: (إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العالم علمه، فإن لم يفعل فعليه لعنة الله) (7). فالعالم الديني يدافع حينئذ عن حوزة الدين ويذب عن ثغوره أشد الذب ويعرض نفسه للخطر تجاه السهام الواردة نحو الإسلام، فيجاهد بعلمه في سبيل العقيدة والدفاع عن مبادئ الإسلام ورد المهاجمين عليه. ولذلك نماذج كثيرة في التاريخ الإسلامي كسلمان وأبي ذر والمقداد وميثم التمار ورشيد الهجري