فسألت جبرئيل أن يستعفي لي السلام عن تبليغ ذلك إليكم، أيها الناس، لعلمي بقلة المتقين وكثرة المنافقين وادعاء اللائمين وحيل المستهزئين بالإسلام الذين وصفهم الله في كتابه بأنهم يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويحسبونه هينا وهو عند الله عظيم (14)، وكثرة أذاهم لي غير مرة حتى سموني (أذنا) وزعموا أني كذلك لكثرة ملازمته إياي وإقبالي عليه (15) حتى أنزل الله في ذلك قرآنا، فقال عز من قائل: * (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن قل أذن خير لكم يؤمن بالله) * (16) إلى آخر الآية. ولو شئت أن أسمي القائلين بذلك بأسمائهم لسميت وأن أومي إلى أعيانهم لأومأت وأن أدل عليهم لدللت، ولكني والله في أمورهم قد تكرمت.
وكل ذلك لا يرضى الله مني إلا أن أبلغ ما أنزل الله إلى في حق علي، ثم تلا صلى الله عليه وآله: * (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك - في حق علي - وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس) * (17).
فأعلموا معاشر الناس ذلك فيه فإن الله قد نصبه لكم وليا وإماما مفروضا طاعته على المهاجرين والأنصار وعلى التابعين بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي، والحر والعبد والصغير والكبير، وعلى الأبيض والأسود وعلى كل موحد (17) ماض حكمه جائز قوله نافذ أمره. ملعون من خالفه مأجور من تبعه، ومن صدقه وأطاعه فقد غفر الله له ولمن سمع وأطاع له.
معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا وانقادوا لأمر الله ربكم، فإن الله هو موليكم ثم رسوله المخاطب لكم، ثم