حتى اسودت، فهي سوداء مظلمة لا يضئ (جمرها ولا ينطفي لهبا) (1). والذي بعثك بالحق نبيا، لو أن مثل خرق الإبرة خرج منها على أهل الأرض لاحترقوا من عن (2) آخرهم، ولو أن رجلا أدخل جهنم ثم أخرج منها لمات أهل الأرض جميعا حين ينظرون إليه لما يرون به، ولو أن ذراعا من السلسلة التي ذكر الله في كتابه وضعت على جميع جبال الدنيا لذابت من عند آخرها حتى تبلغ الأرض ثم ما استقلت أبدا، ولو أن بعض خزان جهنم التسعة عشر نظر إليه أهل الأرض لما توا حين ينظرون إليه من تشوه خلقه، ولو أن ثوبا من ثياب أهل جهنم علق بين السماء والأرض لمات أهل الأرض من نتن ريحه ".
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " حسبك يا جبرئيل، لا أتصدع فأموت " وأكب وأطرق يبكي.
فقال جبرئيل: " لماذا تبكي وأنت من الله بالمكان الذي أنت به؟ ".
قال: " وما منعني ألا أبكي وأنا أحق بالبكاء، أخاف ألا أكون على الحال التي أصبحت عليها ".
فلم يزالا يبكيان حتى ناداهما ملك من السماء: " يا جبرئيل ويا محمد، إن الله قد آمنكما من أن تعصيا فيعذبكما " (3).
وقال - أيضا - أبو محمد جعفر بن أحمد القمي في كتاب زهد النبي صلوات الله عليه وآله، فيما رواه عن عمرو بن خالد، عن زيد بن علي عليه السلام، عن أبيه، عن جده، عن علي عليه السلام قال: " ربما خوفنا رسول الله صلى الله عليه