وليكن عليك من هذا الحديث آثار وجوب التحرز عن الضرر المظنون، ودلائل التصديق، وما كنت ما اهتممت بحفظ أعمال الشهر المشار إليه، ولا خائف من عرض أعماله في آخر خميس كما دل النقل عليه، وما كان ذلك لترك لمعرفة أعمالك لعذر من نسيان، أو سبب يقبله الله جل جلاله من أعذار إهمالك، ولا لعقوبة قضت طرد الله جل جلاله لك عن محاسبة نفسك في معاملته، فقد ذكرنا في عمل اليوم والليلة من هذا الكتاب بيان أن الله جل جلاله قد يخذل بعض العباد العصاة عن خدمته تارة بالنسيان، وتارة بالنوم، وتارة بسلب بعض الألطاف، عقوبة لهم على معصيته.
أقول: فإن كنت واثقا - وهيهات - انك سلمت في شهرك من الجنايات في سائر الحركات والسكنات، فأحمد الله جل جلاله على توفيقه وعنايته، واسأله زيادة السعادة بطاعته. وإن كنت تعلم أنك ما سلمت من التقصير، فتب من الآن توبة نصوحا، يوافق بها السر الاعلان. وإن لم يحضر قلبك، ولا أطاعك هواك، وغلبتك نفسك ودنياك، لقلة معرفتك بربك، وجهلك بعظيم ذنبك، من أن تتوب على التحقيق، فاسأل الله جل جلاله بلسان حال الذل لتوفيق زوال أمراض دينك، وأن يزيد في يقينك، فإنك تجده جل جلاله أرحم بك من كل شفيق، واطلب منه أن يعفو عنك عفو الرحمة المضاعفة بغير معاتبة ولا مواقفة، وإن تعذر منك طلب العفو على صفات الذلة والعبودية، فقد رغبتك ونفسك إلى أخذ القود منك بيد عدل القدرة الإلهية.
وقد شرحنا لك ذلك عند المحاسبة للحفظة الكرام في الجزء الأول من عمل اليوم والليلة فاعمل بما هناك من المهام، فقد عرفت من نفسك الضعف