بالذكر (1) البتار حتى ينجدل وحمل أهل العراق معه واختلطوا، وتقدمت رايتهم، وشبت فيهم نار الحرب، ودهمهم العسكر بجناحيه والقلب، إلى أن صلا بالايماء والتكبير صلاة الظهر، واشتغلوا بالقتال إلى أن تجلى (2) صدر الدجى بالأنجم الزهر (3)، وزحف عليهم عسكر (4) العراق فرحا بالمصاع (5)، وحرصا على القراع، ووثوقا بما وعدهم الله به من النصر وحسن الدفاع (6)، وانقضوا عليهم انقضاض العقبان على الرخم، وجالوا فيهم (7) جولان السرحان على الغنم، وعركوهم عرك الأديم، ودحوا بهم (8) إلى عذاب الجحيم، وأذاقوهم أسنة الرماح، النازعة للمهج والأرواح.
فلم تزل الحرب قائمة، والسيوف لأجسادهم منتهبة وهاشمة (9)، فولى عسكر الشام مكسورا، عليه ذلة الخائب الخجل، وارتياع الخائف الوجل، وعسكر العراق منصورا، وعلى وجوههم مسحة المسرور الثمل (10)، وتبعوهم إلى متون النجاد، وبطون الوهاد، والنبل