22 - ومنها: ما روي عن سليمان الأعمش (1) - في خبر طويل - أن المنصور بعث إليه في ليلة، قال: فقلت في نفسي: إنه يدعوني ويسألني عن مناقب علي، وأنا أذكرها فيقتلني، فكتبت وصيتي، ولبست أكفاني، فدخلت عليه.
فقال: ادن مني. فدنوت، فشم رائحة الحنوط، وقال: لتصدقني أو لأقتلنك.
قلت: كان كذا وكذا، فاستوى، وقال:
لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، اسمع مني، كنت هاربا من بني مروان أدور البلاد وأتقرب إلى الناس بفضائل (2) علي حتى وردت بلاد الشام، وأتيت مسجدا وعلي أطمار (3).
فلما سلم الامام، دخل صبيان عليه، فقال: مرحبا بكما وبمن اسمكما على اسمهما.
فسألت عنه فقيل: ليس في هذه المدينة من يحب عليا غيره، وقال: سماهما الحسن والحسين. فقمت فرحا ورويت له فضيلة من فضائل علي، فخلع علي (4) وأعطاني مالا جزيلا، وأرشدني إلى فتى، وذكرت عنده أيضا عليا ومناقبه، فحملني على بغلة وأعطاني مالا جزيلا.
ثم قال: قم حتى أريك أخي المبغض لعلي، فأتينا المسجد وجلست في الصف وإلى جانبي ذلك المبغض معتما، فلما ركع وسجد سقطت العمامة عنه، فإذا رأسه كرأس الخنزير، فلما سلمنا قلت له: ما هذا؟
قال: أنت صاحب أخي؟ قلت: نعم. قال: فبكى، وقال: كنت مؤذنا، فكلما