أبيهم، فاشتدت الحرب، وأصاب الناس جهد، فرجع أبوه، وقال لداود عليه السلام:
إحمل إلى إخوتك طعاما، يتقوون به على العدو.
فخرج والقوم متقاربون بعضهم من بعض، قد رجع كل واحد منهم إلى مركزه فمر داود على حجر، فقال له الحجر - بنداء رفيع -:
يا داود خذني فاقتل بي جالوت، فاني إنما خلقت لقتله.
فأخذه، ووضعه في مخلاته (1) التي [تكون] فيها حجارته التي يرمي بها غنمه.
فلما دخل داود العسكر، سمعهم يعظمون أمر جالوت، فقال لهم: ما تعظمون من أمره؟ فوالله لئن عاينته لأقتلنه. فتحدث الناس بخبره، حتى ادخل على طالوت فقال له: يا فتى ما عندك من القوة؟
فقال: قد كان الأسد يأخذ (2) الشاة من غنمي، فأدركه، وآخذ برأسه، وأفك لحييه (3) وأنتزع شاتي (4) من فيه.
وقد كان الله تعالى أوحى إلى طالوت أنه لا يقتل جالوت إلا من لبس درعك فملأها. فدعا بدرعه فلبسها داود عليه السلام فاستوت عليه، فقال داود عليه السلام: أروني جالوت.
فلما رآه، أخذ الحجر، فرماه به، فصك (5) بين عينيه، فدمغه (6) وتنكس عن دابته، فتفرقت العساكر الكافرة، كتفرق الأحزاب بعد قتل علي بن أبي طالب عليه السلام عمرو بن عبد ود العامري.