لصوته، وإن قراءته لتشبه مزامير داود، وإنه من أعلم الناس، وأرق الناس، وأشد الناس (1) اجتهادا وعبادة، وكرهت لأمير المؤمنين التعرض له، فان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم (2).
فلما ورد الكتاب على عبد الملك سر بما أنهى إليه الوالي، وعلم أنه قد نصحه فدعا بزيد بن الحسن وأقرأه الكتاب، فقال زيد: أعطاه وأرضاه.
فقال عبد الملك: هل تعرف أمرا غير هذا؟ قال: نعم، عنده سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسيفه، ودرعه، وخاتمه، وعصاه، وتركته، فاكتب إليه فيه، فان هو لم يبعث [به] فقد وجدت إلى قتله سبيلا (3).
فكتب عبد الملك إلى العامل أن احمل إلى أبي جعفر محمد بن علي ألف ألف درهم وليعطك ما عنده من ميراث رسول الله صلى الله عليه وآله، فاتى العامل منزل أبي جعفر بالمال وأقرأه الكتاب، فقال: أجلني أياما. قال: نعم. فهيأ أبي متاعا مكان كل شئ، ثم حمله ودفعه إلى العامل، فبعث به إلى عبد الملك، فسر به سرورا شديدا، فأرسل إلى زيد فعرض (4) عليه، فقال زيد:
والله ما بعث إليك من متاع رسول الله صلى الله عليه وآله بقليل ولا كثير.
فكتب عبد الملك إلى أبي: إنك أخذت مالنا، ولم ترسل إلينا بما طلبنا.
فكتب إليه [أبي]: إني قد بعثت إليك بما قد رأيت، وإنه (5) ما طلبت، وإن شئت لم يكن. فصدقه عبد الملك، وجمع أهل الشام، وقال: هذا متاع رسول الله صلى الله عليه وآله قد أتيت به، ثم أخذ زيدا وقيده وبعث به إلى أبي، وقال له: