الكتاب وقال: إقرأه. فقرأه عبد الرحمان إلى موضع النعي، فقال للقاسم: يا أبا عبد الله (1) اتق الله، فإنك رجل فاضل في دينك، والله يقول:
* (وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت) * (2) وقال: * (عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا) * (3) قال القاسم: فأتم الآية * (إلا من ارتضى من رسول) * (4) مولاي هو المرضي من الرسول.
ثم قال: أعلم أنك تقول هذا، ولكن أرخ اليوم فإن أنا مت بعد هذا اليوم، أو مت قبله، فأعلم أني لست على شئ، وإن أنا مت في ذلك اليوم فانظر لنفسك.
فورخ عبد الرحمن اليوم وافترقوا، وحم القاسم يوم السابع، واشتدت العلة به إلى مدة، ونحن مجتمعون يوما عنده، إذ مسح بكمه عينه، وخرج من عينه شبه ماء اللحم، ثم مد بطرفه إلى ابنه، فقال:
يا حسن إلي، ويا فلان إلي. فنظرنا إلى الحدقين صحيحتين.
وشاع الخبر في الناس فانتابه (5) الناس، من العامة ينظرون إليه.
وركب القاضي إليه - وهو: أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي (6) وهو قاضي