فعانقه، ووضع المخلاة، ودعا بطشت وماء، وغسل يده، وأجلسه إلى جانبه، فأكلنا وغسلنا أيدينا، فقال الرجل وأخرج كتابا أفضل من نصف الدرج (1) فناوله القاسم فأخذه وقبله ودفعه إلى كاتب له يقال له " أبو عبد الله بن أبي سلمة " ففضه وقرأه [وبكى] (2) حتى أحس القاسم ببكائه (3) فقال: يا أبا عبد الله خير خرج في شئ مما يكره؟
قال: لا. قال: فما هو؟ قال: ينعى الشيخ إلى نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما، وأنه يمرض اليوم السابع بعد وصول الكتاب، وأن الله يرد عليه عينيه بعد ذلك، وقد حمل إليه سبعة أثواب.
فقال القاسم: على سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.
فضحك، وقال: ما أؤمل بعد هذا العمر؟! فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر، وحبرة يمانية حمراء، وعمامة، وثوبين ومنديلا، فأخذه القاسم، و [كان] عنده قميص خلعه عليه علي النقي (4) عليه السلام.
وكان للقاسم صديق في أمور الدنيا، شديد النصب يقال له " عبد الرحمان بن محمد الشيزي (5) " وافى إلى الدار، فقال القاسم: إقرؤا الكتاب عليه، فإني أحب هدايته.
قالوا: هذا لا يحتمله خلق من الشيعة، فكيف عبد الرحمن؟! فأخرج إليه القاسم