الخرائج والجرائح - قطب الدين الراوندي - ج ١ - الصفحة ٢٧٩
كان رجل يشتري الاردية من صنعاء، فأردت أن أبضعه فقال أبي: لا تبضعه (1).
قال: فدفعت إليه سرا من أبي، فخرج الرجل، فلما رجع بعثت إليه رسولا فقال له: ما دفع إلي شيئا. قال: فظننت أنه إنما استتر ذلك من أبي، فذهبت إليه بنفسي وقلت: الديناران؟ قال: ما دفعت إلي شيئا!
فأتيت أبي، فلما رآني رفع إلي رأسه، ثم قال (2) متبسما: يا بني ألم أقل لك أن لا تدفع إليه؟ إنه من ائتمن شارب الخمر، فليس له على الله ضمان، إن الله يقول * (ولا تؤتوا السفاء أموالكم التي جعل الله لكم قياما) * (3) فأي سفيه أسفه من شارب الخمر؟
إن شهد لم تجز شهادته، وإن شفع لم يشفع، وإن خطب لم يزوج. (4) 12 - ومنها: أن أبا عبد الله عليه السلام قال: إن جابر بن عبد الله (رض) كان آخر من بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وكان رجلا منقطعا إلينا أهل البيت، وكان يقعد في مسجد الرسول متعجرا (5) بعمامة.
وكان يقول: يا باقر، يا باقر، فكان أهل المدينة يقولون: جابر يهجر (6). فكان يقول:
لا والله لا أهجر، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: " إنك ستدرك رجلا مني اسمه اسمي، وشمائله شمائلي، يبقر العلم بقرا " فذلك الذي دعاني إلى ما أقول.
قال: فبينما جابر ذات يوم يتردد في بعض طرق المدينة إذ مر بمحمد بن علي عليهما السلام فلما نظر إليه قال: يا غلام أقبل. فأقبل، ثم قال: أدبر. فأدبر، فقال: شمائل

(١) أبضعته بضاعة: دفعتها إليه (٢) " ضحك " خ ل.
(٣) سورة النساء: ٥.
(٤) عنه الوسائل: ١٣ / ٢٣١ ح ٤ و ٥ وعن قرب الإسناد: ١٣١ بإسناده عن هارون بن مسلم، عن مسعدة بن زياد عن أبي الحسن عليه السلام نحوه. وعنه البحار: ٧٩ / ١٤٣ ح ٥٦، و ج ١٠٣ / ٨٤ ح ٩.
(٥) قال الجزري في النهاية: ٣ / 185: الاعجاز بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه، ويرد طرفها على وجهه ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه.
(6) هجر: خلط وهذى.
(٢٧٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 274 275 276 277 278 279 280 281 282 283 284 ... » »»
الفهرست