انك ميت لا تفهم ولا تعقل قال الله تعالى * (انك لا تسمع الموتى) * وفي هذا المعنى قال الشاعر (لقد أسمعت لو ناديت حيا) (ولكن لا حياة لمن تنادي) (شبهه للمجبرة) وقد احتجت في تصحيح قولها ان الله تعالى خلق طائفة من خلقه ليعذبهم بقوله سبحانه * (ولقد ذرأنا كثيرا من الجن والإنس) * قالت فبين انه خلقهم لمجرد العذاب في النار لا في غيره نقض عليهم يقال لهم حمل هذه الآية على ظاهرها مناف للعدل والحكمة ومباين لما وصف نفسه به من الرأفة والرحمة ومناقض لقوله عز وجل * (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) * ولقوله تعالى * (انا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكره وأصيلا) * الفتح ولقوله سبحانه * (ليذكروا فابى أكثر الناس إلا كفورا) * الفرقان ولقوله جل اسمه * (أنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط) * الحديد ولقوله تبارك وتعالى * (هو الذي انزل على عبده آيات بينات ليخرجكم من الظلمات إلى النور) * الحديد فالواجب ردها إلى ما يلائم هذه الآيات المحكمات ويوافق الحجج العقلية والبينات والوجه في ذلك ان يكون المراد بقوله ولقد ذرأنا لجهنم العاقبة فكأنه قال ولقد ذرأناهم والمعلوم عندنا ان مصيرهم وحال امرهم وعاقبة حالهم دخول جهنم بسوء اختيارهم قال الله عز وجل * (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) * القصص والمراد به ان ذلك يكون عاقبة امرهم لانهم ما التقطوه إلا ليسروا به وكقوله سبحانه * (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها ليمكروا فيها) * الانعام والمراد ان امرهم بينهم يؤول إلى هذه وعاقبتهم تنتهي إليه لا لأن الله عز وجل جعلهم فيها ليعصوا ويمكروا وقوله إنما نملي لهم ليزدادوا اثما وإنما أخبر بذلك عن عاقبتهم وهذا ظاهر في اللغة مستعمل بين أهلها قال الشاعر (الشعر أم سماك فلا تجزعي ) (فللموت وما تلد الوالدة) وقال آخر (فللموت تغذو الوالدات سخالها) (كما لخراب الدور تبنى المساكن) وهي لا تغذو أولادها للموت ولا تبني المساكن لخرابها وإنما تبنى لعمارتها وسكناها وتغذى السخال لمنفعتها ونموها ولكن لما كانت العاقبة تؤول إلى الموت والخراب جاز ان يقال ذلك (ومثله قول الأخر) أموالنا لذوي الميراث نجمعها * ودورنا لخراب الدهر نبنيها * والمعنى في هذا كله واحد والمقصود به العاقبة وفيما ذكرناه كفاية (مسالة) لهم أخرى وقد احتجوا لمذهبهم بقول الله تعالى * (لا ينفعكم نصح ان أردت ان انصح لكم إن كان الله يريد ان يغويكم هو ربكم وإليه ترجعون) * هود وقالوا ظاهر هذه الآية تدل على
(٤٨)