كمن قصد إلى نفسه واعمى بصره عن النظر إلى سبيل النجاة ووقر سمعه عن استماع ما فيه هداه ثم قال لا حجة لله علي ولا هداية منه وصلت إلى يقول الله عز وجل * (ألم نجعل له عينين ولسانا وشفتين و هديناه النجدين) * البلد فلله الحجة البالغة على الناس ولو شاء لمنعهم من الضلال منع اضطرار ولأخرجهم بالجبر عن سنن التكليف والاختيار تعالى الله الحكيم فيما قضى الحليم عمن عصاه والذي اقتضاه العدل و الحكمة في هذا الزمان من نصب الإمام للأنام فقد أزاح الله سبحانه العلة فيه واوجده ودل عليه بحجة العقل الشاهدة في الجملة بأنه لابد من امام كامل معصوم في كل عصر وبحجج النصوص على التعيين المأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وآله رب العالمين وعن الأئمة من أهل بيته الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين في التعريف بصاحب هذا الزمان عليه السلام بنعته ونسبه الذين يتميز بهما عن الأنام ولكن الظالمين سلكوا سنن من كان قبلهم في قصدهم لاهلاك هداتهم وحرصهم على اطفاء نور مصابيحهم فقصدوا قصده فأخافوه وانطوت نياتهم على قتله متى وجدوه فأمره الله تعالى بالاستتار لما علمه من مباينة حاله لحال كل نبي وامام ابدا شخصه فقتلهم الناس إذا كانت مصلحة الأمة بعد آبائه صلوات الله عليهم مقصورة على كونه إماما لهم وان غيره لا يقوم مقامه في مصلحتهم وسقط عنهم فرض التصدي للسائلين لعدم الامن والتمكن فكانت الحجة لله تعالى على الظالمين الذين أوجدوا سبيل الهداية وأرشدوا إليها فمنعوا أنفسهم سلوكها وآثروا الضلالة عليها فكانوا كمن شد عينه عن النظر إلى مصالحه وسد سمعه عن استماع مناصحته ثم قال لو شاء الله لهداني الله سبحانه فيمن ماثلت أحوالهم لحاله * (واما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى) * فصلت تعالى الله ذو الكلمة العليا والحجة المثلى ولسنا مع ذلك نقطع على أن الإمام عليه السلام لا يعرفه أحد ولا يصل إليه بل قد يجوز ان يجتمع به طائفة من أوليائه تستتر حتما مراجعها به وتخفيه فاما الذي يجب ان يفعله اليوم المسترشدون ويعول عليه المستفيدون فهو الرجوع إلى الفقهاء من شيعة الأئمة عليهم السلام وسؤالهم في الحادثات عن الاحكام والاخذ بفتاويهم في الحلال والحرام فهم الوسائط بين الرعية وصاحب الزمان عليه السلام والمستودعون احكام شريعة الاسلام ولم يكن الله تعالى يبيح لحجته صلى الله عليه الاستتار الا وقد أوجد للأمة من فقه آبائه عليهم السلام ما تنقطع به الاعذار وليس الرجوع إليهم كا
(٣٠٢)