منكم) * المائدة فأوجب بالمماثلة المقايسة وروى أن النبي صلى الله على واله لما ارسل معاذا إلى اليمن قال له بماذا تقضي قال بكتاب الله قال فإن لم تجد في كتاب الله قال بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله قال إن لم تجد في سنة رسول الله قال اجتهد رأيي فقال صلى الله عليه وآله الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضاه الله ورسوله (وروى) عن الحسن بن علي عليهما السلام انه سئل فقيل له بماذا كان يحكم أمير المؤمنين عليه السلام قال بكتاب الله فإن لم يجد فسنة رسول الله صلى الله عليه وآله فإن لم يجد رجم فأصاب وهذا كله دليل على صحة القياس والاخذ بالاجتهاد والظن والرأي فقلت له أما قول عز وجل * (فاعتبروا يا أولي الابصار) * فليس فيه حجة لك على موضع الخلاف لأن الله تعالى ذكر أمر اليهود وجنايتهم على أنفسهم في تخريب بيوتهم بأيديهم وأيدي المؤمنين ما يستدل به على حق رسول الله صلى الله عليه وآله وان الله تعالى أمده بالتوفيق ونصره وخذل عدوه وأمر الناس باعتبار ذلك ليزدادوا بصيرة في الايمان وليس هذا بقياس في المشروعات ولا فيه أمر بالتعويل على الظنون في استنباط الاحكام وأما قوله سبحانه * (فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم) * فليس فيه ان العدلين يحكمان في جزاء الصيد بالقياس و انما تعبد الله سبحانه عباده بانفاذ الحكم في الجزاء عند حكم العدلين بما علماه من نص الله تعالى ولو كان حكمهما قياسا لكانا إذا حكما في جزاء النعامة بالبدنة قاسا مع وجود النص بذلك فيجب ان يتأمل هذا وأما الخبران اللذان أوردتهما فهما من اخبار الآحاد التي لا يثبت بهما الأصول المعلومة في العبادات على أن رواة خبر معاذ مجهولون وهم في لفظه أيضا مختلفون ومنهم من روى أنه لما قال اجتهد رأيي قال له عليه السلام لا أحب إلى اكتب إليك ولو سلمنا صيغة الخبر على ما ذكرت لاحتمل ان يكون معنى قوله اجتهد رأيي اني اجتهد حتى أجد حكم الله تعالى في الحادثة من الكتاب أو السنة وأما ما رويته عن الحسن عليه السلام من حكم أمير المؤمنين صلوات الله عليه ففيه تصحيف ممن رواه والخبر المعروف أنه قال فإن لم يجد في السنة شئ زجر فأصاب يعني بذلك القرعة بالسهام وهو مأخوذ من الزجر والفأل والقرعة عندنا من الاحكام المنصوص عليها وليست بداخلة في باب القياس فقد تبين انه لا حجة لك فيما اوردته من الآيات والاخبار فقال الحاضرين إذا لم يثبت للقائسين نص في ايجاب القياس فكذلك ليس لمن نفاه نص في نفيه من قرآن ولا اخبار فقد تساويا في هذه الحال فقلت له قد قدمت من الدليل العقلي على فساد القياس
(٢٩٦)