مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التي كانت عليهم فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون) * الأعراف (المواضع المسؤول عنها من هذه الآية منها) قوله تعالى النبي الأمي فقد ظن قوم انه أراد بذلك عدم علمه بالخط (ومنها) قوله تعالى ويضع عنهم إصرهم ما هذا الاصر والأغلال التي كانت عليهم (ومنها) قوله فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه فقد تأول قوم ذلك في أبي بكر وعمر وعثمان (ومنها) النور الذي كان معه عليه السلام ما هو ليقع العلم به (الجواب) أما قوله سبحانه الأمي فإنما نسبه إلى أم القرى وهي مكة قال الله تعالى لتنذر أم القرى ومن حولها واهلها هم الأميون قال الله تعالى * (هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم) * الجمعة وهذا كاف في ابطال ما ظنوه (وأما الاصر) ههنا هو الثقل والأثقال التي كانت عليهم والأغلال يحتمل أن تكون الذنوب التي اقترفوها في حال الكفر والضلال فأخبر الله سبحانه ان يضعها عنهم إذا آمنوا به (وبرسوله عليه وعلى آله السلام وأما قوله فالذين آمنوا) به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون فهو مدح لمن كان على هذه الصفات وليس فيه تسمية لاحد يزول معها الاشكال ولا على ما أدعاه المخالفون في ذلك دليل اجماع ومن سير الاخبار واطلع في صحيح السير والآثار علم أن أبا بكر وعمر وعثمان معرون من هذه الصفات وهذا باب يتسع فيه الكلام والواجب مطالبة من ادعى ان هذه الآية فيهم بدليل على دعواه يصح بمثله الاحتجاج (فاما الآية نفسها) فلا تدل على ذلك واولى الأشياء ان يكون المدح فيها للذين حصل الاتفاق على استحقاقهم ما تضمنته من الصفات ممن لا ريب في صحيح ايمانهم وعالى نصرتهم وجهادهم من أهل البيت عليهم السلام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب وحمزة بن المطلب وعبيدة بن الحرث بن عبد المطلب وجعفر بن أبي طالب ومن الصحابة الأخيار والنجباء الاطهار زيد بن حارثة وخباب وعمار بن ياسر وسعد بن معاذ والمقداد وسلمان وأبو ذر وأبو أيوب الأنصاري وأبو الهيثم بن التيهان وخزيمة بن ثابت ذو الشهادتين وأبا حنيف سهل وعثمان ومن في طبقتهم أهل الايمان رحمة الله عليهم أجمعين (وأما النور) الذي انزل معه فهو القرآن ولم يسم بذلك لأن فيه أجساما من الضياء لكن لما يتضمنه من الحجج والبيان الذي يستنار به في شريعة الاسلام وقد سماه الله تعالى نورا في موضع آخر فقال * (قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين) * المائدة وقال أيضا انا * (أنزلنا التوراة فيها هدى ونور) * المائدة ولم يرد ان فيها أجساما من الضياء وانما أراد ما ذكرنا فهذا مختصر من الكلام في معاني هذه الآيات والحمد لله الموفق للصواب وصلى الله على خيرته من خلقه محمد رسوله وآله ووجدت في بعض الأناجيل مكتوبا ان المسيح عليه السلام قال وحقا أقول لست الشارب مما لفظته الكروم حتى اشرب ذلك غدا في الملكوت وفي هذا على النصارى حجتان (أحدهما) ان المسيح عليه السلام كان لا يشرب الخمر وهو خلاف ما رووه
(١٣٤)