أبا بكر بما فعلا * خير البرية اتقاها واعدلها * بعد النبي وأوفاها بما حملا * الصاحب الثاني المحمود مشهده * و أول الناس منهم صدق الرسلا * واحتجاجهم بقول حسان يدل على عمي القلوب وصدا الألباب أو على تعمد التلبيس على ضعفاء الناس وإلا فلو اعتمدوا الانصاف علموا ان حسان بن ثابت هو الذي تضمن شعره الاقرار لأمير المؤمنين عليه السلام بالإمامة والرئاسة على الأنام لما مدحه بذلك يوم الغدير بحضرة رسول الله صلى الله عليه وآله على رؤوس الاشهاد بعد ان استأذن الرسول صلى الله عليه وآله فاذن له فقال * يناديهم يوم الغدير نبيهم * نجم واسمع بالرسول مناديا * يقول فمن مولاكم ونبيكم * فقالوا ولم يبدو هناك التعاميا * إلهك مولانا وأنت نبينا * ولن تجدن منا لك اليوم عاصيا * فقال لهم قم يا علي فإنني * رضيتك من بعدي إماما وهاديا * فمن كنت مولاه فهذا وليه * فكونوا له أنصار صدق مواليا * هناك دعا اللهم وال وليه * وكن للذي عادى عليا معاديا * فصوبه النبي صلى الله عليه وآله في هذا المقال وقال له لا تزال يا حسان مؤيدا ما نصرتنا بلسانك فكيف سمعت الناصبة تلك الأبيات (التي رويت لها من قول حسان ولم تسمع عنه هذه الأبيات) التي قد سارت بها الركبان بل كيف تثبت لها بما ذكرته من شعره ان أبا بكر سبق الناس إلى الاسلام ولم تثبت بما ذكرناه من شعره أيضا ان أمير المؤمنين عليه السلام لجميع الناس امام وكيف احتجت ببعض قوله وصدقته فيه ولم تر الاحتجاج بالبعض الأخر وكذبته فيه أوليس إذا قالت إنه كذب فيما قاله في علي عليه السلام في هذه الأبيات أمكن ان يقال لها بل كذب فيما حكيتموه عنه من تلك الأبيات وان قالت إن حسانا شاعر النبي صلى الله عليه وآله ولسنا نكذبه (لكن نقول إنه كذب) في الشعر الذي رويتموه قيل لها فإن قال لكم قائل مثل هذا الكلام وانه كذب عليه في الشعر الذي ذكرتموه ما يكون الانفصال واعلم انا لم نقل ذلك لهم إلا لنعلمهم لأنه لا حجة في أيديهم وانه لا فرق بين قولهم وقول من قلبه عليهم ولسنا ننفي عن حسان الكذب ولا رأينا فيه بحسن وذلك أنه فارق الايمان وانحاز إلى جملة أعداء أمير المؤمنين عليه السلام وحصل من عصبة عثمان فهو عندنا من أهل الضلال فإن قال قائل كيف تجيزون ذلك عليه بعد ما مدحه به الرسول صلى الله عليه وآله في يوم غدير خم وأثنى عليه قلنا إن مدحه وثناءه عليه مشروطا ولم يكن مطلقا وذلك أنه قال ما تزال مؤيدا ما نصرتنا بلسانك وهذا يدل على أنه متى انصرف عن النصرة زال عنه التأييد واستحقاق المدحة وقد انصرف عنها بطعونه على أمير المؤمنين عليه السلام وانصبابه في شعب عدوه وقعوده في جملة من قعد عن نصرته في حرب البصرة ويشبه ما قال فيه النبي عليه السلام قول الله تعالى في ذكر أزواج نبيه ونسائه * (يا نساء النبي لستن كأحد من النساء ان اتقيتن) * الأحزاب فعلق ذلك بشرط وجود التقوى فإذا عدمت كن كمن
(١٢٣)