كنز الفوائد - أبو الفتح الكراجكي - الصفحة ١٣٠
علم الدين واخبار الأولين مع خفة محمله وصغر جثته صامت ما اسكته بليغ ما استنطقته ومن لك بمسامر لا يبتديك في حال شغلك ولا يدعك في أوقات نشاطك ولا يحوجك إلى التجمل له والتذمم منه ومن لك بزائر ان شئت جعل زيارته غبا ووروده حبا وان شئت لزمك لزوم ظلك فكان منك مكان بعضك والكتاب هو الذي إذا نظرت فيه أطال امتاعك وشحذ طباعك وبسط لسانك وجود بيانك وفخم الفاظك وعمر صدرك و منحك صداقة الملوك وتعظيم العوام وعرفت به في شهر ما لا تعرفه من أفواه الرجال في دهر قال والكتاب هو الذي يطيعك بالليل كطاعته بالنهار ويطيعك في السفر كطاعته في الحضر لا يقصر عنك بنوم ولا يعتريه ملال وهو المعلم الذي ان افتقرت إليه لم يحقرك وان قطعت عنه المادة لم يقطع عنك الفائدة وان عدلت عنه لم يدع طاعتك وان هب ريح أعدائك لم ينقلب عليك ومتى كنت منه متعلقا بسبب ومعتصما بحبل لم يضيرك معه وحشة الوحدة إلى الجليس السوء ولو لم يكن من فضله عليك واحسانه إليك الا منعه لك من الجلوس على بابك والنظر إلى المارة بك مع ما في ذلك من التعرض للحقوق في فضول النظر وملابسة صغار الناس وحضور الفاظهم الساقطة واخلاقهم الردية لكان في ذلك السلامة يوم القيامة ونعم الجليس وقال في هذا المعنى والكتاب نعم الذخر والقعدة ونعم الجليس والعقدة ونعم السيرة والنزهة ونعم الشغل والحرفة ونعم الأنيس ساعة الوحدة ونعم المعرفة ببلاد الغربة ونعم القرين والدخيل ونعم الوزير والزميل والكتاب وعاء ملئ علما وظرف حشي ظرفا واناء شحن مزاحا وجدا ان شئت كان أبين من سحبان وائل وان شئت كان أعيا من بأقل وان شئت ضحكت من نوادره وان شئت عجبت من غرائب فوائده وان شئت الهتك نوادره وان شئت أشجتك مواعظه وبعد فمتى رأيت بستانا يحمل في ردن وروضته ينقلب في حجر ينطق عن الموتى ويترجم كلام الاحياء ومن لك بمؤنس لا ينطق إلا بما تهوى آمن من في الأرض واكتم للسر من صاحب السر وقال لا اعلم أجارا أبر ولا خليطا انصف ولا رفيقا أطوع ولا معلما اخضع ولا صاحبا أظهر كفاية وأقل جناية ولا أقل ملالا وإبراما وخلافا وجزافا ولا أقل غيبة ولا ابعد من مراي ولا اترك لشغب ولا أزهد في جدل ولا اكف عن قتال من كتاب ولا اعلم قرينا ولا أحسن موافاة ولا أعجل مكافاة ولا احصر معرفة ولا أخف مؤنة ولا شجرا أطول عمرا ولا أطيب ثمرا ولا أقرب مجنى ولا أسرع ادراكا ولا أوجد في كل أوان من كتاب وانشد بعضهم وإذا الهموم تضيقتك ولم تجد * أحدا ومل فؤادك الاصحابا * فاعمد إلى الكتب التي قد ضمنت * أوراقها الأشعارا والآدابا * فهي التي تنفي الهموم ولم تجد * أحدا له أدب يمل كتابا (فصل) حكى شيخنا
(١٣٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 125 126 127 128 129 130 131 132 133 134 135 ... » »»