والحارث الذي يقول كأن لم يكن بين الجحون إلى الصفا * أنيس ولم يسمر بمكة سامر * بلى نحن كنا أهلها فأبادنا * صروف الليالي والجدود العواثر * ويمنعنا من كل فج نريده * اقب كسرحان الان بات ضامر * وكل لجوج في الجراء طمره * كعجزاء فتحاء الجناحين كاسر * والقصيدة طويلة فحسدته قريش بذلك فقالوا نحن شركاؤك فيها فقال هذه فضيلة نبئت بها دونكم رأيتها في منامي ثلاث ليال تباعا فقالوا فحاكمنا إلى من شئت من حكام العرب فخرجوا إلى الشام يريدون أحد كهانها وعلمائها فأصابهم عطش شديد فأوصى بعضهم إلى بعض فبينا هم على تلك الحال إذ بركت ناقة عبد المطلب فنبع الماء من بين أخفافها فشربوا وتزودوا وقالوا يا عبد المطلب ان الذي سقاك في هذه الأودية القفر هو الذي سقاك بمكة فرجعوا وسلموا له هذه المأثرة (بيان عن قول النصارى ومسألة عليهم لا جواب لهم عنها) اعلم أنهم يزعمون أن المسيح عليه السلام مجموع شيئين لاهوت وناسوت يعنون با للاهوت الله سبحانه وتعالى عما يقولون وبالناسوت الانسان وهو جسم المسيح ان هذين الشيئين اتحدا فصارا مسيحا ومعنى قولهم اتحدا اي صارا شيئا واحدا في الحقيقة وهو المسيح فيقال لهم أنتم مجمعون معنا على أن الاله قديم وان الجسم محدث وقد زعمتم انهما صارا واحدا فما حال هذا الواحد أهو قديم أم محدث فإن قالوا هو قديم قيل لهم فقد صار المحدث قديما لأنه من مجموع شيئين أحدهما محدث وان قالوا هو محدث قيل لهم فقد صار القديم محدثا لأنه من مجموع شيئين أحدهما قديم وهذا ما لا حيلة لهم فيه وليس يتسع لهم ان يقولوا بعضه قديم وبعضه محدث لأن هذا ليس باتحاد في الحقيقة ولا ان يقولوا هو قديم محدث لتناقض ذلك واستحال ولان يقولوا ليس هو قديم ولا محدث فظاهر فساد ذلك أيضا وبطلانه وهذا كاف في ابطال الالحاد الذي ادعوه وقد سألهم بعض المتكلمين فقال إذا كنتم تعبدون المسيح والمسيح اله وانسان فقد عبدتم الانسان وعبادة الانسان كفر بغير اختلاف (مسألة أخرى عليهم) قال لهم إذا كان المسيح عندكم مجموع من شيئين اله وانسان فاخبرونا عن القتل والضرب والصلب ما ذا وقع أتقولون انه وقع بهما أم بأحدهما فان قالوا بهما قيل لهم ففي هذا ان الاله ضرب وصلب وقتل ودفن وهي فضيحة لا ينتهى إليها ذو عقل وان قالوا بل وقع ذلك على أحدهما وهو الناسوت لأن اللاهوت لا يجوز هذا عليه قيل لهم فإذا قد صح مذهب المسلمين
(١٠٧)