مسألتان في النص على علي (ع) - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ٢٥
ثم تبين بعد ذلك بعض وجوه المصلحة، فيكون بعض ذلك أنه علم أن في المخالفين من يرجع عن الباطل إلى الحق بعد مدة ويستبصر، فكان ترك قتله مصلحة.
ومنه أنه علم أن في ظهورهم مؤمنين لا يجوز قتلهم واجتياحهم، فكان ترك قتلهم مصلحة.
ومنه شفقة منه على شيعته وولده أن يصطلموا (1) فينقطع نظام الإمامة. و هذا كلام معروف يعرفه أهل العدل والمتكلمون، وهو من أصول الدين، ألا ترى أنا إذا سئلنا عن تغريق قوم نوح عليه السلام وهلاك قوم صالح لأجل ناقته، وبقاء قاتل الحسين عليه السلام، والحسين عند الله أعظم من ناقة صالح (2)، لم يكن الجواب إلا ما ذكرناه من المصلحة، وما علمه الله من

(1) أي يستأصلوا ويبادوا.
(2) أقول: ليس المقصود إن الله تعالى لم يجاز قتلة الحسين (ع) في الدنيا فإن أغلبهم قد قتلوا على يد المؤمنين الذين ندموا على عدم نصرتهم لسبط رسول الله (ص) فقاموا مطالبين بالثأر لدم الحسين (ع) فاخرجوا الذين حاربوه وقتلوا أصحابه وأولاده من تحت كل حجر ومدر و قتلوهم شر قتلة، بل يقصد الشيخ (ره)، أنهم لم يجازوا سريعا ولم ينزل عليهم البلاء كما عاقب الله تعالى قوم صالح وقوم نوح لمصلحة اقتضته حكمته سبحانه وتعالى.
(٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 20 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 ... » »»