مسألتان في النص على علي (ع) - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ٢٣
قيل له: أسلافنا - بحمد الله - في النص كثير لا يجوز عليهم افتعال الكذب، لكن ليس كل من يصلح لنقل الخبر يصلح للجهاد، لأنه قد يصلح لنقل الخبر الشيخ الكبير، الثقة، الأمين، ولا يصلح ذلك لضرب السيف.
وأيضا فليست الحروب الدينية موقوفة على كثرة الرجال، وإنما هي موقوفة على المصلحة، ألا ترى أن رسول الله صلى الله عليه وآله جاهد وهو في ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا (1)، وقعد عن الجهاد يوم الحديبية (2) وهو في ثلاثة آلاف وستمائة رجل (3). فعلمت أن الحروب الدينية الشرعية موقوفة على

(1) يقصد الشيخ (ره) بذلك معركة بدر الكبرى، وهي أولى المعارك التي خاضها رسول الله (ص) والمسلمون مع المشركين. وقعت هذه المعركة بين المسلمين وكفار قريش عند آبار بدر في يوم 17 (أو 19) من شهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة، وكان عدد المسلمين 313 رجلا والكفار 950 رجلا، وقد نصر الله المسلمين على عدوهم فهزموا وكان عدد قتلى المشركين 70 رجلا كما أسر المسلمون 70 من الكفار، وعدد شهداء المسلمين 14 شهيدا.
(2) الحديبية قرية سميت ببئر هناك وبينها وبين مكة مرحلة، وبينها وبين المدينة تسع مراحل.
وأما يوم الحديبية فإن الشيخ (ره) يقصد بذلك سفر رسول الله (ص) مع المسلمين من المدينة إلى مكة لأداء العمرة في ذي القعدة من سنة 6 هجرية، حيث انتهى إلى صد المشركين له و لأصحابه عن الدخول إلى مكة حيث عقد معهم صلح الحديبية، وقد بايع المسلمون في ذلك اليوم مع رسول الله (ص) بيعة سميت ببيعة الرضوان.
(3) هناك خلاف بين أصحاب السير في عدد المسلمين يوم الحديبية، فقل روى ابن إسحاق أنهم كانوا 700 رجل، وأما ابن هاشم فإنه روى عن جابر بن عبد الله أنهم كانوا أربع عشرة مئة سيرة ابن هشام 3 / 322 وأما ابن سعد فإنه روى في طبقاته أن الخارجين مع رسول الله (ص) يوم الحديبية (ألف وتسعمائة رجل) ثم أضاف (ويقال ألف وأربعمائة ويقال ألف و
(٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 28 ... » »»