مسألتان في النص على علي (ع) - الشيخ المفيد - ج ٢ - الصفحة ٢٢
فإن قلتم: قليل، قيل لكم: فلا تنكرون أن يتواطؤوا على الكذب لأن افتعال الكذب يجوز على القليل.
وإن قلتم كثير، قيل لكم: فما بال أمير المؤمنين سلام الله عليه لم يقاتل بهم أعداءه، لا سيما وأنتم تدعون أنه لو أصاب أعوانا لقاتل! (1) الجواب وبالله الثقة:

(1) إن الإمامية تدعي أنه - عليه السلام - لو أصاب أعوانا لحاول أن يسترد حقه المغصوب وذلك بعيد وفاة رسول الله (ص) ولكنه لم ينو الحرب مع خصومه لأجل إمرة كانت تعدل عنده قيمة نعل كان يخصفها - كما في رواية ابن عباس - فإنه كان أحرص على سلامة شريعة أخيه (ص) من كيد الأعداء عن الذين غصبوا حقه، وقد روى أصحاب السير أن أبا سفيان مد إليه يده ليبايعه للخلافة ورغبه فيها، لكن لاحبا في تطبيق وصية سيد المرسلين وإنما طمعا في وقوع الفتنة وزوال الاسلام وعودة الجاهلية الجهلاء إلى ربوع الجزيرة العربية، ولكنه (ع) أبى ورفض وحاول أن يذكر أصحاب رسول الله (ص) ببيعتهم إياه في يوم الغدير والنصوص التي سمعوها في مواقع عديدة عن رسول الله (ص)، ولكن حالت دونهم المغريات فلم يستجب له سوى عدد قليل فآثر سلام الله عليه أن يعمل بوصية رسول الله (ص) وهكذا صبر أمير المؤمنين في هذه المحنة التي وصفها هو بقوله (فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تراثي نهبا).
وبرغم ذلك فإنه شارك المسلمين (حكاما ومحكومين) في حياتهم الاجتماعية ونصح لحكامهم وسار على سنة أخيه رسول الله (ص) وقد وصف عليه السلام موقفه بعد إبعاده عن الخلافة في رسالة، بعث بها إلى مالك الأشتر يقول فيها (فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الاسلام يدعون إلى محق دين محمد (ص) فخشيت إن لم أنصر الاسلام وأهله، أرى فيه ثلما أو هدما تكون المصيبة به على أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل).
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»