المستقيم، الذي من حاد عنه ضل وغوى.
فقال الغلام إن معي أخا وهو مولع بالصيد والقنص، وخرج في بعض أيامه متصيدا، فعارضته [عشر] بقرات وحش، فرمى إحداها وقتلها فانفلج (1) نصفه في الوقت، وقل كلامه حتى لا يكلمنا إلا إيماءا، وقد بلغنا أن صاحبكم يدفع عنه ونحن من بقايا قوم عاد، نسجد للأصنام ونقتسم بالأزلام (2).
فان شفى صاحبكم أخي آمنا على يده، ونحن تسعون ألفا، فينا البأس والنجدة والقوة والشدة، ولنا الكنوز من الذهب والفضة.
نحن سباق جلاد، سواعدنا شداد وأسيافنا حداد، وقد أخبرتكم بما عندي.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: وأين أخوك يا غلام؟ فقال: سيأتي في هودج له.
فقال عليه السلام: إذا جاء أخوك شفيت علته.
[فالناس على مثل ذلك] إذ أقبلت امرأة عجوز تحت (3) محمل على جمل فأنزلته بباب المسجد، فقال الغلام: جاء أخي يا علي.
فنهض عليه السلام ودنا من المحمل، وإذا فيه غلام له وجه صبيح، فلما نظر إليه بكى الغلام، وقال بلسان ضعيف: إليكم الملجأ والمشتكى يا أهل بيت النبوة.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: اخرجوا الليلة إلى البقيع فستجدون من علي عجبا.
قال [حذيفة]: فاجتمع الناس من العصر في البقيع إلى أن هذا الليل، ثم خرج إليهم أمير المؤمنين عليه السلام وقال لهم: اتبعوني.
فاتبعوه، فإذا بنارين متفرقة قليلة وكثيرة، فدخل في النار القليلة.
قال حذيفة: فسمعنا زمجرة كزمجرة الرعد، فقلبها على النار الكثيرة، ودخل فيها