كأنه فلقة قمر، وهو ينادي:
الحذار، الحذار، البدار (1) البدار إلى محمد المختار [المبعوث في الأقطار].
قال حذيفة: فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فأخبرته، فقال:
يا حذيفة، انطلق إلى حجرة كاشف الكرب، وهازم العرب، الليث الهصور (2) واللسان الشكور [والطرف النائي الغيور] والبطل الجسور، والعالم الصبور الذي جرى اسمه في التوراة والإنجيل والزبور.
قال حذيفة: فأسرعت إلى حجرة مولاي علي عليه السلام أريد [إخباره] فإذا به قد لقيني وقال: يا حذيفة! جئتني لتخبرني بقوم أنا بهم عالم منذ خلقوا وولدوا! قال حذيفة:
فأقبل سائرا وأنا خلفه حتى دخل المسجد، والقوم حافون برسول الله صلى الله عليه وآله.
فلما رأوه نهضوا له قياما، فقال صلوات الله عليه: كونوا على أماكنكم.
فلما استقر به المجلس، قام الغلام الأمرد قائما دون أصحابه وقال:
أيكم الراهب إذا انسدل الظلام؟ أيكم المنزه عن عبادة الأوثان والأصنام؟
أيكم الشاكر لما أولاه المنان؟ أيكم الساتر عورات النسوان؟
أيكم الصابر يوم الضرب والطعان؟
أيكم قاتل الاقران، ومهدم البنيان، وسيد الإنس والجان؟
أيكم أخو محمد [المصطفى] المختار، ومبدد المارقين في الأقطار؟
أيكم لسان الصادق، ووصيه الناطق؟
أيكم المنسوب إلى أبي طالب بالولد، والقاعد للظالمين بالرصد؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي أجب الغلام، وقم بحاجته.
فقال عليه السلام: أنا يا غلام، ادن مني فاني [أعطيك سؤالك و] اشفي غليلك بعون الله تعالى ومشيئته، فانطق بحاجتك لأبلغك أمنيتك، وليعلم المسلمون إني سفينة النجاة [وعصا موسى] والكلمة الكبرى، والنبأ العظيم [الذي هم فيه مختلفون] والصراط