فنادى أبي (1) [وقال:] (2) يا محمد، إرم مع أشياخ قومك الغرض وإنما أراد أن يهنك بأبي، وظن أنه يقصر ويخطئ ولا يصيب إذا رمى، فيشتفي منه بذلك.
فقال له أبي: إني قد كبرت عن الرمي، فان رأيت أن تعفيني.
فقال: وحق من أعزنا بدينه وبنبيه محمد صلى الله عليه وآله لا أعفينك.
ثم أومأ إلى شيخ من بني أمية أن اعطيه قوسك.
فتناول منه (3) ذلك - أي قوس الشيخ - ثم تناول منه سهما، فوضعه في كبد القوس، ثم انتزع ورمى وسط الغرض فنصبه فيه، ثم رمى فيه الثانية فشق فواق سهمه إلى نصله.
ثم تابع الرمي حتى شق تسعة أسهم بعضها في جوف بعض، وهشام يضطرب في مجلسه [] (4) فلم يتمالك أن قال:
أجدت يا أبا جعفر وأنت أرجى العرب والعجم! كلا، زعمت أنك قد كبرت عن الرمي، ثم أدركته ندامة على ما قال.
وكان هشام لم يكن أحدا قبل أبي (5) ولابعده في خلافته، فهم به وأطرق إطراقة [يتروى فيها] (6) وأبي واقف بحذاه، مواجها له وأنا وراء أبي.
فلما طال وقوفنا بين يديه غضب أبي وهم به (7) وكان أبي إذا غضب نظر إلى