أخطأ عبد لله بن قيس (1) في أن أومأ (2) بها إلى عبد الله بن عمر، فأخطأ في ذلك في ثلاث خصال: في أن أباه لم يرضه لها. وفي أنه لم يستأمره، وفي أنه لم يجتمع عليه المهاجرون والأنصار الذين عقدوها لمن قبله. وإنما الحكومة [فضل من الله]، وقد حكم رسول الله صلوات الله عليه وآله سعدا " (3) في بني قريظة، فحكم فيهم بحكم الله لا شك فيه، فنفذ رسول الله صلوات الله عليه وآله حكمه، ولو خالف ذلك لم يجزه.
ثم قال علي عليه السلام لعبد الله بن عباس: قم، فتكلم ثم جلس.
فقام عبد الله، فقال:
أيها الناس إن للحق أهلا " أصابوه بالتوفيق، والناس بين راض به وراغب عنه. وإنما بعث عبد الله بن قيس بهدى لا بضلالة، وبعث عمرو بن العاص بضلالة لا بهدى (4)، فلما التقيا رجع عبد الله بن قيس عن هداه. وثبت عمرو بن العاص على ضلالته. والله لئن كانا حكما بالكتاب لقد حكما عليه، وان كانا حكما بما اجتمعا عليه معا فما اجتمعا على شئ، ولئن كانا حكما بما سارا عليه، لقد سار عبد الله بن قيس وعلي إمامه وسار عمرو ومعاوية إمامه، فما بعد هذا من عتب (5) ينتظر، ولكنهم سأموا الحرب، فأحبوا البقاء ودفعوا البلاء بمثله ورضي (6) كل قوم صاحبهم.
.