من قضاياه في المشكلات التي لم يدر أحد من الصحابة كيف القضاء فيها غيره يخرج إن تقصيته عن حد هذا الكتاب، وقد ذكرت ذلك وما جاء من مثله عن الأئمة صلوات الله عليهم في كتاب (الاتفاق والافتراق) وفي كتاب (الإيضاح) وفي غيرها من كتب الفقه التي بسطت فيها قول الأئمة من أهل البيت صلوات الله عليهم في الحلال والحرام والقضايا والأحكام، وأثبت فيها فضل علمهم صلوات الله عليهم على كافة الناس غيرهم، وأن ذلك منقول فيهم يتوارثونه عن رسول الله صلى الله عليه وآله ليس كالذي تعاطاه من خالفهم من العوام من القول في ذلك بآرائهم وقياسهم واستحسانهم واستنباطهم وغير ذلك مما نحلوه من الأسماء باختراعهم، وقد أخبر الله عز وجل في كتابه بما رفعه من درجات اولي العلم على عبادة فقال تعالى:
" يرفع الله الذين آمنوا العلم درجات " (1) وقال جل من قائل: " هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب " (2) وقد أبان رسول الله صلى الله عليه وآله رفع درجة علي عليه السلام على جميع أمته بما ذكرناه في هذا الباب. من قوله عليه السلام: أعلم الناس من بعدي، وقوله عليه السلام: علي أقضاكم، وأمره صلوات الله عليه إياهم أن يسألوه عما اختلفوا فيه، وذلك من أبين البيان على إمامته وإقامته من بعده مقامه في ذلك لامته، مع ما ذكرناه ونذكره في هذا الكتاب مما يؤيد ذلك ويؤكده ويوضحه ويبينه مع ما ذكرت في هذا الباب وفيما قبله من هذا الكتاب ونذكره من إقرار الصحابة له بفضله وعلمه مما آثره ورواه المنسوبون إلى الفقه والحديث من العامة فضلا " عما رواه وآثره من ذلك الخاصة. فمن أين يجوز أو ينبغي لجاهل أن يتقدم على عالم أو لعالم أن يتقدم على من هو أعلم