وعبد الله بن أبي طلحة هو الذي دعا رسول الله صلوات الله عليه وآله لأبيه في حمل أمه به، فقال: اللهم بارك لهما في ليلتهما.
والخبر في ذلك: إن أبا طلحة هذا كان قد خلف على أم أنس بن مالك بعد أبيه مالك، وكانت أم أنس من أفضل نساء الأنصار، ولما قدم رسول الله صلوات الله عليه وآله المدينة مهاجرا " أهدى إليه المسلمون على مقادير هم، فأتت إليه أم أنس بأنس، فقالت:
يا رسول الله أهدى إليك الناس على مقاديرهم ولم أجد ما أهدي إليك غير ابني هذا، فخذه إليك يخدمك بين يديك، فكان أنس يخدم النبي صلى الله عليه وآله.
وكان لامه من أبي طلحة غلام قد ولدته أمه منه، وكان أبو طلحة من خيار الأنصار، وكان يصوم النهار ويقوم الليل ويعمل سائر نهاره في ضيعة له، فمرض الغلام، وكان أبو طلحة إذا جاء من الليل نظر إليه وافتقده، فمات الغلام يوما " من ذلك ولم يعلم أبو طلحة بموته وعمدت أمه فسجته في ناحية من البيت، وجاء أبو طلحة، فذهب لينظر إليه، فقالت له أمه: دعه ولا تعرض له فإنه قد هدأ واستراح.
وكتمته أمره. فسر أبو طلحة بذلك. وآوى إلى فراشه وأوت إليه وأصاب منها.
فلما أصبح، قالت له: يا أبا طلحة أرأيت قوما " أعارهم بعض جيرانهم عارية، فاستمتعوا بهامدة، ثم استرجع العارية أهلها، فجعل الذين كانت عندهم يبكون عليها لاسترجاع أهلها إياها من عندهم، ما حالهم؟ قال: مجانين. قالت: فلا نكون نحن من المجانين إن ابنك (1) قد هلك، فتعز عنه بعزاء الله وسلم إليه وخذ في جهازه.