قال: فقد وجب تصديقنا في أنه أسلم قبل أبي بكر، ودعواهم في أنه أسلم وهو طفل غير مقبولة إلا بحجة.
قال: فان قال قائل: وقولكم إنه أسلم وهو بالغ، دعوى مردودة (1).
قلنا: أما الإسلام فقد ثبت وحكمه قد وجب له بالدعوة والإقرار، ولما دعاه النبي صلى الله عليه وآله إلى الاسلام وأمره بالإيمان، وبدأ به قبل الخلق، علمنا أنه لم يفعل ذلك به وإيمانه لا يجوز (2).
فإن قيل: قد يكون فعل ذلك به تأديبا ".
قلنا: إنما يكون ذلك في دار الإيمان على النشوء والولادة، فأما في دار الشرك والحرب، فليس يجوز لا سيما عند بدء الدعوة والنبي صلى الله عليه وآله لم يكن ليدع ما امر به، وأرسل إليه، ويقصر إلى دعاء الأطفال ودعاءهم لا يجوز، والمدار دار شرك، فليس يجوز أن يشتغل بالتطوع قبل الفريضة، وما باله ولم يدع غير علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، وليس في سنة أن يدعى أطفال المشركين إلى الإسلام، ويفرق بينهم وبين آبائهم.
قال هذا القائل: وللبالغ حد وحدود في الناس تفاضل في سرعة البلوغ وكمال العقول، وذلك معروف فيما عليه الناس من التفاضل في العلم. وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله في صغر سنه يعرف بالوقار والحلم والصدق ورجاحة العقل، وكانت منزلة النبي صلى الله عليه وآله في ذلك على خلاف ما يتعارف من منازل الأطفال، وكان علي صلوات الله عليه لاحقا " له في ذلك، ولذلك استحق أن يكون منه بمنزلة هارون من موسى عليه السلام. وقد قال عز وجل في يحيى: " وآتيناه الحكم صبيا " (3)