خطيبا "، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وآله، فقال:
علام تذموا الدنيا، وفيها تعملون، الدنيا دار صدق لمن صدقها، ودار غنى لمن تزود منها، ودار عافيه لمن فهم عنها، مساجد أولياء الله ومهبط وحيه ومصلى ملائكته، اكتسبوا منها الجنة، وربحوا فيها المرحمة، فمن ذا يذمها، وقد آذنت ببينها، وحذرت من بلائها، وشوقت بسرورها ترغيبا " وترهيبا "، وإعذارا " وإنذارا ".
أيها الذام للدنيا المعتل بتغييرها متى استدمت إليك بل متى غرتك؟ أبمصارع آبائك من البلاء، أم بمضاجع أمهاتك من الثرى؟
كم مرضت بيديك من حبيب؟ وكم دعوت له من طبيب تبغي له الشفاء وتكرهه على مر الدواء؟ مثلت لك به الدنيا نفسك وبمصرعه مصرعك، غداة لا ينفعك أحباؤك، ولا يغني عنك بكاؤك. في خطبة له معروفة.
[شبهة الرهبانية] وقد ذكر بعض المتكلمين رهبانية النصارى وتركهم النكاح وإطراحهم الدنيا وما فيها، وما يدعوا إليها.
فقال: إن الله عز وجل إنما يبعث أنبياءه بإحياء شرائعه، هذا لو كان من دين المسيح لكان ما تنقطع الشريعة لأنه إذا كان مما دعي إليه فواجب على الناس اتباعه فيه، وإذا كان كذلك لم يتناسلوا، فينقطعوا عما قليل، وتنقطع الشريعة بانقطاعهم. قال: فدل ذلك على أن ليس الذي ابتدعه النصارى من ذلك مما جاءهم به المسيح عليه السلام.
والأخبار والشواهد على مثل هذا كثيرة، وقد أعطى الله عز وجل كثيرا