شرح الأخبار - القاضي النعمان المغربي - ج ٢ - الصفحة ١٧٣
قال: دع هذا، وهات حوائجك.
فأما اعتراف معاوية بقتل حجر وأصحابه فلشئ توهمه - قد يكون، وقد لا يكون - فذلك القتل ظلما "، وقد تواعد الله تعالى عليه بالنار (1).
وأما اعتذاره في أن أباه عهد إليه في إلحاق زياد به، فاتباعه أمر أبيه ومخالفته أمر رسول الله صلى الله عليه وآله مما تواعد الله تعالى عليه الفتنة والعذاب الأليم (2).
وأما قوله: إنه رأى يزيد أحق الناس بالإمامة فذلك من رأيه الفاسد، وقد لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله - كما ذكرت - ولعن أباه وابنه يزيد. ومن لعنه رسول الله صلى الله عليه وآله فهو ملعون، والملعون لا يكون إماما " (3).

(1) أشار إلى الآية الكريمة: " ومن يقتل مؤمنا " متعمدا " فجزاؤه جهنم خالدا " فيها وغضب الله عليه ولعنه واعد له عذابا " عظيما " " النساء: 93.
(2) روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وآله قال: لا ترغبوا عن آبائكم فمن رغب عن أبيه فقد كفر. وروى أيضا عن سعد بن أبي وقاص قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه [وآله] يقول: من ادعى إلى غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام.
(3) وخير ما نختم به هذا الجزء قصيدة للشاعر السوري محمد مجذوب بعنوان: على قبر معاوية:
أين القصور أبا يزيد ولهوها * والصافنات وزهوها والسؤدد أين الدهاء نحرت عزته على * أعتاب دنيا سحرها لا ينفد أثرت فانيها على الحق الذي * هو لو علمت على الزمان مخلد تلك البهارج قد مضت لسبيلها * وبقيت وحدك عبرة تتجدد هذا ضريحك لو بصرت ببؤسه * لأسال مدمعك المصير الأسود كتل من الترب المهين بخربة * سكر الذباب بها فراح يعربد خفيت معالمها على زوارها * فكأنها في مجهل لا يقصد ومشى بها ركب البلى فجدارها * عار يكاد من الضراعة يسجد والقبة الشماء نكس طرفها * فبكل جزء للفناء بها يد تهمي السحائب من خلال شقوقها * والريح في جنباتها تتردد حتى المصلى مظلم فكأنه * مذ كان لم يجتز به متعبد أأبا يزيد لتلك حكمة خالق * تجلى على قلب الحكيم فيرشد أرأيت عاقبة الجموح ونزوة * أودى بلبك غيها المتردد أغرتك بالدنيا فرحت تشنها * حربا " على الحق الصراح وتوقد أأبا يزيد وساء ذلك عترة ماذا أقول وباب سمعك موصد قم وارمق النجف الشريف بنظرة * يرتد طرفك وهو باك أرمد تلك العظام أعز ربك قدرها * فتكاد لولا خوف ربك تعبد أبدا " تباكرها الوفود يحثها * من كل صوب شوقها المتوقد نازعتها الدنيا ففزت بوردها * ثم انطوى كالحلم ذاك المورد وسعت إلى الأخرى فأصبح ذكرها * في الخالدين وعطف ربك أخلد
(١٧٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 178 ... » »»
الفهرست