أكون كالشكة، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، فقال له: فديتك يا أبا الحسن امض، فمضى وسيفه في يده حتى تسور من فوق مسرية مارية وهي في جوف المسرية، وجريح معها يؤدبها بآداب الملوك، ويقول لها: عظمي رسول الله ولبيه وأكرميه حتى التفت جريح فنظر إلى أمير المؤمنين وسيفه مشهور في يده ففزع جريح، وصعد إلى نخلة في المسرية فصعد إلى رأسها فنزل أمير المؤمنين إلى المسرية، فكشف الريح عن أثواب جريح فرآه خادما مسموحا ليس له ما للآدميين، فقال: انزل يا جريح، قال: يا أمير المؤمنين آمنا على نفسي؟ فقال: آمنا على نفسك، فنزل جريح وأخذ بيده أمير المؤمنين إلى رسول الله فأوقفه بين يديه، وقال: يا رسول الله ان جريحا خادم ممسوح، فولى النبي وجهه إلى الجدار، وقال: حل لهما - لعنهما الله - يا جريح حتى يتبين كذبهما ويحتقبا خزيهما، بجرأتهما على الله ورسوله فكشف جريح عن أثوابه فإذا هو خادم ممسوح فسقطا بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقالا: يا رسول الله التوبة، استغفر لنا ولن نعود.
فقال رسول الله (عليه السلام): لا تاب الله عليكما فان نفعكما استغفاري ومعكما هذه الجرأة على الله عز وجل وعلى رسوله فقالا: يا رسول الله ان استغفرت لنا رجونا ان يغفر الله لنا، فأنزل الله الآية بهما وفي براءة مارية: (ان الذين يرمون المحصنات المؤمنات الغافلات لعنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون).
قال الرضا علي بن موسى (عليهما السلام): الحمد لله الذي في ابني محمد أسوة برسول الله (صلى الله عليه وآله) وابنه إبراهيم (عليهما السلام) وكان هذا من دلائله وبراهينه الذي ذكرناهم (عليه السلام).