كيف تبدأ الفتن وإنما ابتداء وقوع الفتن من أهواء تتبع وأحكام تبتدع، يخالف فيها حكم الله، يتولى فيها رجال رجالا ويتبرء رجال من رجال. ألا إن الحق لو خلص لم يكن فيه اختلاف وإن الباطل لو خلص لم يخف على ذي حجى، ولكن يؤخذ من هذا ضغث ومن هذا ضغث فيمزجان فيحسبان معا، فهنالك استولى الشيطان على أوليائه ونجا الذين سبقت لهم منا الحسنى.
إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: كيف بكم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الوليد ويزيد (1) فيها الكبير، يجري الناس عليها فيتخذونها سنة، فإذا غير منها شئ قيل: (إن الناس قد أتوا منكرا) ثم يشتد البلاء وتسبى الذرية وتدقهم الفتن كما تدق النار الحطب وكما تدق الرحى بثفالها (2)، يتفقه الناس لغير الدين ويتعلمون لغير العمل ويطلبون الدنيا بعمل الآخرة.
* 2 * كلام أمير المؤمنين عليه السلام عن بدع أبي بكر وعمر وعثمان ثم أقبل عليه السلام بوجهه على ناس من أهل بيته وشيعته فقال: والله لقد عملت الأئمة قبلي بأمور عظيمة خالفت فيها رسول الله صلى الله عليه وآله متعمدين، لو حملت الناس على تركها وتحويلها عن موضعها إلى ما كانت تجري عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله لتفرق عني جندي، حتى لا يبقى في عسكري غيري وقليل من شيعتي الذين إنما عرفوا فضلي وإمامتي من