بينكم وبين قيام الساعة إلا أنبأتكم بسائقها وقائدها وناعقها (1)، وبخراب العرصات متى تخرب ومتى تعمر بعد خرابها إلى يوم القيامة.
فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، أخبرنا عن البلايا.
فقال عليه السلام: إذا سأل سائل فليعقل وإذا سئل مسؤول فليلبث. إن من ورائكم أمورا ملتجة مجلجلة (2) وبلاء مكلحا مبلحا. (3) والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، لو قد فقدتموني ونزلت عزائم الأمور وحقائق البلاء لقد أطرق كثير من السائلين واشتغل كثير من المسؤولين. وذلك إذا ظهرت حربكم ونصلت عن ناب وقامت عن ساق وصارت الدنيا بلاء عليكم حتى يفتح الله لبقية الأبرار.
فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، حدثنا عن الفتن.
فقال عليه السلام: إن الفتن إذا أقبلت شبهت وإذا أدبرت أسفرت. وإن الفتن لها موج كموج البحر وإعصار كإعصار الريح، تصيب بلدا وتخطئ الآخر. فانظروا أقواما كانوا أصحاب الرايات يوم بدر فانصروهم تنصروا وتؤجروا وتعذروا.
فتنة بني أمية أخوف الفتن ألا إن أخوف الفتن عليكم من بعدي فتنة بني أمية. إنها فتنة عمياء صماء مطبقة مظلمة، عمت فتنتها وخصت بليتها. أصاب البلاء من أبصر فيها وأخطأ البلاء من عمي عنها. أهل باطلها ظاهرون على أهل حقها، يملؤون الأرض بدعا وظلما وجورا. وأول من يضع جبروتها ويكسر عمودها وينزع أوتادها الله رب العالمين وقاصم الجبارين.