والعجب ما في أمل الآمل حيث قال: ما رأيت له شعرا " إلا بيتين رأيتهما بخطه ونسبهما إلى نفسه:
لقد جاء في القرآن آية حكمة * تدمر آيات الضلال ومن يجبر وتخبر أن الاختيار بأيدنا * ومن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر (1) مع أن القطعة المذكورة موجودة في رسالة ابن العودي، وكانت عنده.
ثم ارتحل إلى بلدة جبع في صفر سنة 944، وأقام بها إلى سنة 946 وتوشح ببرد الاجتهاد، إلا أنه بالغ في كتمان أمره.
ثم سافر إلى العراق لزيارة الأئمة عليهم السلام في ربيع الآخر من السنة المذكورة، ورجع في خامس شعبان منها، وأقام في جبع إلى سنة 948، ثم سافر إلى بيت المقدس في ذي الحجة، واجتمع بالشيخ شمس الدين بن أبي اللطيف المقدسي، وقرأ عليه بعض صحيح البخاري، وبعض صحيح مسلم، وأجازه إجازة عامة، ثم رجع إلى وطنه واشتغل بمطالعة العلوم ومذاكرتها مستفرغا " وسعه إلى أواخر سنة 951، ثم جرى القضاء وأبان من أمر الله ومشورته أن يسافر إلى جهة الروم، ويجتمع مع فضلائها، ويتعلق بسلطان الوقت السلطان سليمان بن عثمان، وكان ذلك على خلاف مقتضى طبعه، ولكن ليطيع من هو عالم بعواقب الأمور، فخرج في ذي الحجة من السنة المذكورة وأقام بدمشق.
ثم ارتحل إلى حلب، ودخل في 16 محرم، وخرج منها 7 صفر سنة 952، ودخل القسطنطينية 17 ربيع الأول، ولم يجتمع مع أحد من الأعيان إلى ثمانية عشر يوما "، وكتب في خلالها رسالة في عشرة مباحث من عشرة علوم وأوصلها إلى قاضي العسكر محمد بن محمد بن قاضي زاده الرومي، فوقعت منه موقعا " حسنا "، وكان رجلا " فاضلا "، واتفق بينهما مباحثات في مسائل كثيرة.