خاتمة المستدرك - الميرزا النوري - ج ٢ - الصفحة ١١٨
أبطأ الشيخ في بعض الأيام عن صلاة الظهر، وكان الناس مجتمعين في المسجد ينتظرونه، فلما استيأسوا منه قاموا إلى صلاتهم فرادى وإذا بالشيخ قد دخل المسجد فرآهم يصلون فرادى، فجعل يوبخهم وينكر عليهم ذلك ويقول: أما فيكم من تثقون به وتصلون خلفه؟! ووقع نظره من بينهم إلى رجل تاجر صالح معروف عنده بالوثاقة والديانة يصلى في جنب سارية من سواري المسجد، فقام الشيخ خلفه واقتدى به.
ولما رأى الناس ذلك اصطفوا خلفه وانعقدت الصفوف وراءه فلما أحس التاجر بذلك اضطرب واستحى ولا يقدر على قطع الصلاة ولا يتمكن من إتمامها، كيف وقد قامت صفوف خلفه تغتبط منها الفحول من العلماء فضلا " عن العوام، ولم يكن له عهد بالإمامة سيما التقدم عل مثل هؤلاء المأمومين، ولما لم يكن له بد من الإتمام، أتمها والعرق يسيل من جوانبه حياء، ولما سلم قام فأخذ الشيخ بعضده وأجلسه قال: يا شيخ قتلتني بهذا الاقتداء! ما لي ولمقام الإمامة؟! فقال الشيخ: لابد لك من أن تصلي بنا العصر، فجعل يتضرع ويقول: تريد تقتلني لا قوة لي على ذلك.. وأمثال ذلك من الكلام، فقال الشيخ: إما أن تصلي أو تعطيني مائتي شامي - أو أزيد، والترديد مني - فقال:
بل أعطيك ولا أصلي، فقال الشيخ: لا بد من إحضارها قبل الصلاة، فبعث من أحضرها ففرقها على الفقراء، ثم قام إلى المحراب وصلى بهم العصر. وكم له - رحمه الله - من أمثال هذه القضية جزاه الله تعالى عن الاسلام والمسلمين خير جزاء المحسنين.
توفي - رحمه الله - في شهر رجب من سنة 1228. وكان له - مع مما هو عليه من الكمالات المعنوية والصفات الإلهية - قوة الشعر والنظم، ونقلوا عنه أبياتا " رائقة نتبرك بقليل منها، إذ كتابنا هذا غير موضوع لمثلها.
(١١٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 113 114 115 116 117 118 119 120 121 122 123 ... » »»