لاحد في نسبة الخلط والمساهلة إليهم، فان اتهم صاحب العوالي في النقل عن تلك المجاميع، فهو معدود في زمرة الكذابين الوضاعين، فيرجع الامر إلى الطعن والإساءة إلى سدنة الدين، وحفظة السنة، ونقاد الاخبار، الذين مدحوه بكل جميل، وأدناه البراءة عن تعمد الكذب ووضع الأحاديث.
وقد عثرت بعد ما كتبت هذا المقام على كلام السيد المحدث الجزائري في شرحه على الكتاب المذكور يؤيد ما ذكرناه قال: إني لما فرغت من شروحي - إلى أن قال -: تطلعت إلى الكتاب الجليل، الموسوم بعوالي اللآلئ، من مصنفات العالم الرباني، والعلامة الثاني، محمد بن علي بن إبراهيم بن أبي جمهور الأحسائي - أسكنه الله تعالى غرف الجنان وأفاض على تربته سجال الرضوان - فطالعته مرارا، وتأملت أحاديثه ليلا ونهارا.
فشوقتني عادتي في شرح كتب الاخبار، وتتبع ما ورد عنهم عليهم السلام من الآثار، إلى أن أكتب عليه شرحا يكشف عن بعض معانيه، ويوضح ألفاظه ومبانيه، فشرعت بعد الاستخارة في ترتيب أبوابه وفصوله، واستنباط فروعه من أصوله، وسميته (الجواهر الغوالي في شرح عوالي اللآلئ)، ثم عن لي أن أسميه (مدينة الحديث) - إلى أن قال في ذكر ما دعاه إلى شرحه -. إنه وإن كان موجودا في خزائن الأصحاب إلا أنهم معرضون عن مطالعته، ومدارسته، ونقل أحاديثه، وشيخنا المعاصر - أبقاه الله تعالى - ربما كان وقتا من الأوقات يرغب عنه لتكثر مراسيله، ولأنه لم يذكر مأخذ الاخبار من الكتب القديمة، ورجع بعد ذلك إلى الرغبة فيه، لان جماعة من متأخري أهل الرجال وغيرهم من ثقات أصحابنا وثقوه، وأطنبوا في الثناء عليه، ونصوا على إحاطة علمه بالمعقول والمنقول. وله تصانيف فائقة، ومناظرات في الإمامة وغيرها مع علماء الجمهور، سيما مجالسه في مناظرات الفاضل الهروي في الإمامة، في منزل السيد محسن في المشهد الرضوي، على ساكنه وآبائه وأبنائه من الصلوات أكملها، ومن التسليمات أجزلها.