مكانهم، وقرب منه الوسائل، وأكد له الدلائل على أنهم آلهة غير مربوبين، أو أنبياء مرسلون، أمكنه من ذلك ما أمكنه فيه، وتهيأ له منه ما تجرأ به عليه، ودخل إلى طبقة ثالثة من مدخل الشبهات، واستثقال الفرائض الواجبات، وأباح لهم - المحارم، وسهل عليهم العظائم، في رفض فرائض الدين، والخروج من جملة المسلمين، بفاسد أقام لهم من التأويل، ودلهم عليه بأسوء دليل، فصاروا إلى الشقوة والخسران، وانسلخوا من جملة الايمان.
نسأل الله العصمة من الزيغ، والخروج من الدنيا سالمين، غير ناكثين ولا مارقين، ولا مبدلين، ولا مغضوب علينا ولا ضالين (1).
ثم ذكر قصة الغلاة في عصر أمير المؤمنين عليه السلام، وإحراقه إياهم بالنار، ثم قال: وكان في أعصار الأئمة من ولده عليهم السلام من مثل ذلك، ما يطول الخبر بذكرهم، كالمغيرة بن سعيد وكان من أصحاب أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام ودعاته، فاستزله الشيطان - إلى أن قال -: واستحل المغيرة وأصحابه المحارم كلها وأباحوها، وعطلوا الشرائع وتركوها، وانسلخوا من الاسلام جملة، وبانوا من جميع شيعة الحق، وأتباع الأئمة عليهم السلام، وأشهر أبو جعفر عليه السلام لعنهم، والبراءة منهم.
ثم كان أبو الخطاب في عصر جعفر بن محمد عليهما السلام من أجل دعاته، ثم أصابه ما أصاب المغيرة فكفر وادعى أيضا النبوة، وزعم أن جعفرا عليه السلام إلها، تعالى الله كل عز وجل عن قوله، واستحل المحارم كلها، ورخص لأصحابه فيها، وكانوا كلما ثقل عليهم أداء فرض أتوه، فقالوا: يا أبا الخطاب خفف عنا، فيأمرهم بتركه، حتى تركوا جميع الفرائض، واستحلوا جميع المحارم، وأباح لهم أن يشهد بعضهم لبعض بالزور، وقال: من عرف الامام حل له كل شئ كان حرم عليه، فبلغ أمره جعفر بن محمد عليهما