التعقيب بعد أن لا يكون من نفس الكلمة ولا فرق في اقتضائها ما ذكرناه بين أن يكون جزاء أو عطفا لان قول القائل إذا دخل زيد فاعطه درهما الفاء فيه موجبة للتعقيب وإن كان جزاء لأنه حين وقع منه الدخول استحق الاعطاء، كما أنه في قول القائل اضرب زيدا فعمروا إذا وقع الضرب بزيد يجب أن يوقعه بعمرو فكيف يظن الفرق بين الفائين، ويدل على وجوب الترتيب من جهة السنة.
(250) 99 ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله انه طاف وخرج من المسجد فبدأ بالصفا وقال ابدؤا بما بدء الله به.
وقوله: على لفظة أمر وهو يقتضي الوجوب بان يبدأ فعلا بما بدء الله تعالى.
فان قيل قوله: ابدؤا بما بدء الله يقتضي أن يبدؤا قولا بما بدء الله به قولا، والخلاف إنما وقع في البداءة بالفعل.
قلنا لا يجوز حمل ذلك على القول من وجهين، أحدهما: انه إذا قال ابدؤا بما بدء الله به وكان ذلك لفظ عموم يدخل تحته القول والفعل فليس لنا ان نخصص إلا بدليل، والثاني: انه عليه السلام بدء فعلا بالصفا وقال: إبدؤا بما بدء الله به فاقتضى ذلك ابدؤا فعلا بما بدء الله به قولا:
فان قيل على الوجه الأول ان قوله عليه السلام ابدؤا بما بدء الله به يمنع من حمل قوله ابدؤا على العموم ألا ترى أن القائل إذا قال: اضرب زيدا بما ضربه به عمرو، وكان عمرو إنما ضربه بعصا لم يجز أن يحمل قوله اضرب زيدا على العموم في كل ما يضرب به بل يجب قصره على ما ضرب.
قلنا بين الامرين فرق لأنه لا يمكن أن يضر به على وجوه مختلفه بغير العصا ويكون ضاربا بما ضرب به عمرو فلهذا اختص الكلام بما ضرب به عمرو بعينه، وليس هكذا الخبر لأنه يمكن أن يبدؤا قولا وفعلا بما بدء الله تعالى به قولا ونحن