ثم قال: (ومن أخطأ في الوضوء فقدم غسل يديه على غسل وجهه رجع فغسل وجهه ثم أعاد غسل يديه وكذلك ان قدم غسل يده اليسرى على يده اليمنى وجب عليه الرجوع إلى غسل يده اليمنى وأعاد غسل يده اليسرى وكذلك ان قدم مسح رجليه على مسح رأسه رجع فمسح رأسه ثم أعاد مسح رجليه).
والذي يدل على ذلك الآية وهي قوله تعالى: " وإذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين " وقد قال جماعة من النحويين ان الواو يوجب الترتيب منهم الفراء وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهما وإذا كانت موجبة للترتيب فلا يجوز تقديم بعض الأعضاء على بعض، وتدل الآية من وجه آخر وهو أنه قال: " إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق " فأوجب غسل الوجه عقيب القيام إلى الصلاة بدلالة الفاء في قوله فاغسلوا ولا خلاف ان الفاء توجب التعقيب، وإذا ثبت ان البدأة في الوضوء بالوجه وهو الواجب ثبت في باقي الأعضاء لان الأمة بين قائلين قائل يقول: بعدم الترتيب ويجوز أن يبدأ بالرجلين أولا ويختم بالوجه، وقائل يقول: ان البدأة في الوضوء بالوجه وهو الواجب ويوجب في باقي الأعضاء كذلك، فان قال قائل على هذه الطريقة ان الفاء في الآية في هذا الموضع ليست للتعقيب بل هي للجزاء، والفاء التي توجب التعقيب مثل قول القائل اضرب زيدا فعمروا والفاء في الآية تجري في الجزاء مجرى قول القائل إذا جاء زيد فأكرمه، والفرق بين الفائين ان الفاء إذا دخلت في الجزاء لا يصح قطع الكلام عنها وإذا كانت للتعقيب يصح قطع الكلام ألا ترى انه يصح في قولك اضرب زيدا فعمروا ان تقتصر على قولك اضرب زيدا ولا يصح في قولك إذا جاء زيد فأكرمه الاقتصار على الشرط فقط.
قلنا: لافرق بين الفائين في اللغة لأنه لا اشكال في أن الفاء في اللغة تقتضي