أن يكونوا جعلوا المسح من أسماء الغسل، فأما الآية فأكثر المفسرين ذهبوا فيها إلى غير ما ذكر في السؤال، وقال أبو عبيدة والفراء وغيرهما: معنى فطفق مسحا أي ضربا، وقال آخرون: أراد المسح في الحقيقة وانه كان مسح أعرافها وسوقها وقال شاذ منهم: انه أراد الغسل ومن قال بذلك لا يدفع أن يكون حمل المسح على الغسل استعارة وتجوزا وليس لنا أن نعدل في كلام الله تعالى عن الحقيقة إلى المجاز إلا عند الضرورة.
فان قيل: ما أنكرتم أن يكون القراءة بالجر تقتضي المسح إلا أنه متعلق بالخفين لا بالرجلين، وان كانت القراءة بالنصب توجب الغسل المتعلق بالرجلين على الحقيقة ويكون الآية بالقرائتين مفيدة لكلا الامرين.
قلنا: الخف لا يسمى رجلا في لغة ولا شرع كما أن العمامة لا تسمى رأسا ولا البرقع وجها فلو ساغ حمل ما ذكر في الآية من الأرجل على أن المراد به الخفاف لساغ في جميع ما ذكرناه.
فإن قيل: فأين أنتم عن القراءة بنصب الأرجل وعليها أكثر القراء وهي موجبة للغسل ولا يحتمل سواه؟
قلنا: (أول) ما في ذلك أن القراءة بالجر مجمع عليها والقراءة بالنصب مختلف فيها لأنا نقول إن القراءة بالنصب غير جائزة وإنما القراءة المنزلة هي القراءة بالجر، والذي يدل على ذلك:
(188) 37 ما أخبرني به الشيخ أيده الله تعالى قال أخبرني أحمد ابن محمد عن أبيه عن أحمد بن إدريس وسعد بن عبد الله عن محمد بن أحمد بن يحيى عن أبي عبد الله عن حماد عن محمد بن النعمان عن غالب بن الهذيل قال: سألت أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عز وجل: (فامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين)