(فطفق مسحا بالسوق والأعناق (1)) اي انه غسل سوقها وأعناقها.
قلنا: هذا باطل من وجوه: (منها) انه لا معتبر باحتمال اللفظة في اللغة إذا كانت في عرف الشرع مختصة بفائدة واحدة، فلو سلمنا ان الغسل في اللغة مسح لم يقدح ذلك في تأويلنا الآية لأن اطلاق المسح في الشرع يستفاد به ما لا يستفاد بالغسل، ولهذا جعل أهل الشرع بعض أعضاء الطهارة ممسوحا وبعضها مغسولا وفصلوا بين الحكمين وفرقوا بين قول القائل: فلان يرى أن الفرض في الرجلين المسح وبين قوله فلان يرى الغسل (ومنها) ان الرؤوس إذا كانت ممسوحة المسح الذي لا يدخل في معنى الغسل بلا خلاف وعطف الأرجل عليها فواجب أن يكون حكمها مثل حكم الرؤوس في المسح وكيفيته، لان من فرق بينهما مع العطف في كيفية المسح كمن فرق بينهما في المسح. (ومنها) ان المسح لو كان غسلا والغسل مسحا لسقط ما لا يزال يستدل به مخالفونا ويجعلونه عمدتهم من روايتهم عنه عليه السلام انه توضأ وغسل رجليه لأنه كان لا ينكر أن يكون الغسل المذكور إنما هو المسح فصار تأويلهم الآية على هذا يبطل أصل مذهبهم في غسل الرجلين. (ومنها): ان شبهة من جعل المسح غسلا من أهل اللغة هي من حيث اشتمال الغسل على المسح، وليس كل شئ اشتمل على غيره يصح ان يسمى باسمه لأنا نعلم أن الغسل يشتمل على أفعال مثل الاعتماد والحركة ولا يجوز أن يسمى بأسماء ما يشتمل عليه، واما استشهاد أبي زيد بقولهم:
" تمسحت للصلاة " فالمعنى فيه انهم لما أرادوا أن يخبروا عن الطهور بلفظ مختصر ولم يجز ان يقولوا اغتسلت للصلاة لان في الطهارة ما ليس بغسل واستطالوا أن يقولوا اغتسلت وتمسحت للصلاة قالوا بدلا من ذلك تمسحت لان المغسول من الأعضاء ممسوح أيضا فتجوزوا بذلك اختصارا أو تعويلا على أن المراد مفهوم وهذا لا يقتضي